فيه يجعله سنداً قوياً يعمل به، من ذلك ما رواه ابن ماجه من حديث ابن عمر وعائشة:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من كل عشرين ديناراً فصاعداً نصف دينار". وكان عمل الصحابة وإجماع الأمة على هذا وأن نصاب الذهب عشرون مثقالاً، أي ما يساوي خمسة وثمانين جراماً.
قال القاضي عياض: المعول عليه في نصاب الذهب الإجماع.
وقال مالك في الموطأ: السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أن الزكاة تجب في عشرين ديناراً عيناً -يعني ذهباً- كما تجب في مائتي درهم.
وقال الشافعي في الأم: لا أعلم اختلافاً في أن ليس في الذهب صدقة حتى تبلغ عشرين، فإذا بلغت عشرين مثقالاً ففيها الزكاة. اهـ.
كما أجمع المسلمون على أن المقدار الواجب في زكاة الذهب والفضة ربع العشر، بعد أن يحول الحول. وقد حاول بعض العلماء أن يربط بين قيمة النصاب في الذهب والفضة وبين النصاب في الزروع أو المواشي إذا ارتفعت أو انخفضت قيمة الذهب والفضة، بحيث يرتفع بوزن النصاب فيهما إذا انخفضت قوة الشراء بهما، وينخفض بوزن النصاب فيهما إذا ارتفعت قوة الشراء بهما، لكن هذه المحاولة مردودة، فإن الشرع هو الذي حدد المقادير، ولا مجال للاجتهاد فيها، فالزرع زرع، والإبل إبل، والبقر بقر، والذهب ذهب، والفضة فضة. ولا يستطيع العلماء -فيما أعتقد- أن يعللوا: لماذا كان أول نصاب الإبل خمساً؟ بينما كان أول نصاب البقر ثلاثين؟ فالبحث في القوة الشرائية خبط ودخول في متاهات يكثر فيها المخطئ ويقل المصيب.
أما الأوراق النقدية المتداولة في هذا العصر بديلة عن الذهب والفضة اللذين كانا متداولين كأساس للتعامل وكأثمان للأشياء، فعنها جاء في كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" ما يلي:
١ - الشافعية قالوا: الورق النقدي، التعامل به من قبيل الحوالة على البنك بقيمته، فيملك قيمته ديناً على البنك، والبنك مليء، مستعد للدفع، حاضر، ومتى كان المدين بهذه الأوصاف وجبت زكاة الدين في الحال.
٢ - الحنفية قالوا: الأوراق المالية -البنكنوت- من قبل الدين القوي، إلا أنها يمكن صرفها فضة فوراً، فيجب فيها الزكاة فوراً.
٣ - المالكية قالوا: أوراق البنكنوت -وإن كانت سندات دين إلا أنها يمكن صرفها فضة فوراً وتقوم مقام الذهب في التعامل، فيجب فيها الزكاة بشروطها.
٤ - الحنابلة قالوا: لا تجب زكاة الورق النقدي إلا إذا صرف ذهباً أو فضة ووجدت فيه شروط الزكاة.
ويقول الشيخ محمد حسنين مخلوف في رسالته "التبيان في زكاة الأثمان": زكاة الأوراق المالية باعتبار قيمتها الوضعية عند جريان الرسم بها في المعاملات واتفاق الملة