على اتخاذها أثماناً للمقومات، وعلى ذلك فوجوب الزكاة فيها ثابت بالقياس كزكاة الفلوس والنحاس. اهـ.
ويقول الشيخ القرضاوي في كتابه "فقه الزكاة": إن هذه الأوراق أصبحت -باعتماد السلطات الشرعية إياها، وجريان التعامل بها- أثمان الأشياء ورءوس الأموال؛ وبها يتم البيع والشراء والتعامل داخل كل دولة، ومنها تصرف الأجور والرواتب والمكافآت وغيرها، وعلى قدر ما يملك المرء منها يعتبر غناه، ولها قوة الذهب والفضة في قضاء الحاجات، وتيسير المبادلات وتحقيق المكاسب والأرباح، فهي بهذا الاعتبار أموال نامية أو قابلة للنماء، شأنها شأن الذهب والفضة. اهـ.
وهذا كلام جيد، فأوراق البنكنوت اليوم لا تستمد قيمتها من أن المدين بها البنك المليء المقر الحاضر المستعد للدفع، وإنما تستمد قيمتها من قوة التعامل بها، إذ يمكن لحاملها في الحال أن يشتري بها ذهباً وفضة، فتتحول في غمضة عين إلى ذهب، وفضة فوجوب الزكاة فيها لا يقبل النقاش على هذا الأساس.
أما أواني الذهب والفضة وتحفهما فحرام استعمالها للرجال والنساء جميعاً، ولا خلاف بين العلماء في أن ما حرم استعماله من الذهب والفضة وجبت الزكاة فيه.
لكن هل المعتبر في النصاب هنا الوزن أو القيمة التي ترتفع بحسن الصنعة؟ قولان نختار الأول.
وأما الحلي من الذهب والفضة فشأنها مع الرجال شأن استعمال أوانيهما، حرام وفيها الزكاة، لكن الحلي للنساء ذهباً كانت أو فضة في زكاتها خلاف أوجب بعضهم فيما بلغ نصاباً الزكاة مطلقاً، ولم يوجبها بعضهم مطلقاً، وبعضهم أوجبها فيما جاوز المعتاد لأمثالها، وفيما اتخذ كنزاً. وهو الذي نميل إليه. والله أعلم.
وأما عروض التجارة فلم ترد زكاتها في أحاديث الباب، لكن نقل ابن المنذر الإجماع على زكاتها إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول، قال: أجمع أهل العلم على أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة إذا حال عليها الحول، روى ذلك عن عمر وابنه وابن عباس. وبه قال الفقهاء السبعة والحسن وجابر بن زيد وميمون بن مهران وطاووس والنخعي والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو عبيدة وإسحاق وأصحاب الرأي (أبو حنيفة وأصحابه) وهو مذهب مالك وأحمد.
وقال القاضي ابن العربي: الزكاة واجبة في العروض من أربعة أدلة:
الأول: قول الله عز وجل: {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: ١٠٣] وهذا عام في كل مال.
الثاني: أن عمر بن عبد العزيز كتب بأخذ الزكاة من العروض، وحكم بذلك على الأمة، وقضى به، فارتفع الخلاف بحكمه.
الثالث: أن عمر بن الخطاب قد أخذها قبله.