الرابع: أن أبا داود ذكر عن سمرة بن جندب: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعد للبيع". قال: ولم يصح فيه خلاف عن السلف. اهـ.
وقال الخطابي: وزعم بعض المتأخرين من أهل الظاهر أن لا زكاة فيها. وهو مسبوق بالإجماع.
وأما الركاز ونعني به الكنز الذي يوضع في الأرض بفعل المخلوق والمعدن الذي يوجد في الأرض بخلق الخالق، فلم تتعرض له أحاديث الباب، لكن الحنفية على أن فيه الخمس استناداً إلى حديث: "في الركاز الخمس". رواه الجماعة. وذهب أحمد إلى أن فيه ربع العشر، وهو قول لمالك والشافعي، وفي قول لمالك: أن ما يتكلف مؤونة عمل فيه ربع العشر وما لا يتكلف مؤونة عمل فيه الخمس.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
١ - بيان أقل النصاب لزكاة الإبل والفضة والزروع والثمار.
٢ - بيان المقدار الواجب إخراجه زكاة في الزروع والثمار.
٣ - استدل بالرواية السابعة بعض أهل الظاهر على عدم وجوب الزكاة في العبد والفرس مطلقاً ولو كانا للتجارة، ورد عليهم بأن زكاة التجارة تشمل العروض التي لا زكاة فيها، فنفى زكاتها في التربية لا ينفي زكاتها للتجارة، وزكاة التجارة لكل العروض ثابتة بالإجماع، فيخص به العموم في هذا الحديث. وقد مر قريباً مذاهب العلماء في زكاة الخيل.
٤ - ويؤخذ من الرواية التاسعة بعث الإمام السعاة والعمال لجباية الزكاة، والحديث مشعر بأن بعث عمر إنما كان لصدقة الفرض، لأن صدقة التطوع لا يبعث عليها السعاة. وقال ابن القصار المالكي: الأليق أنها صدقة التطوع، لأنه لا يظن بهؤلاء الصحابة أنهم منعوا الفرض، وتعقب بأن ما منعوه كلهم جحداً ولا عناداً. أما ابن جميل فقد قيل: إنه كان منافقاً ثم تاب بعد ذلك، وأما خالد فكان متأولاً بإجزاء ما حبسه عن الزكاة، وكذلك العباس.
٥ - ويؤخذ منه عذر المؤول، فقد قبل صلى الله عليه وسلم عذر خالد والعباس ودافع عنهما.
٦ - واستدل بقصة خالد على جواز إخراج مال الزكاة في شراء السلاح وغيره من آلات الحرب، والإعانة بها في سبيل الله، وذلك بناء على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل إخبار من أخبره بمنع خالد، حملاً على أن خالداً لم يصرح بالمنع وإنما نقلوه عنه بناء على ما فهموه، ويكون معنى "تظلمون خالداً" أي بنسبتكم إياه إلى المنع وهو لا يمتنع، وكيف يمنع الفرض وقد تطوع بتحبيس سلاحه وخيله؟ .
كما يجيب الجمهور بجواب آخر؛ وهو أنهم ظنوا أن الخيل والعتاد للتجارة فطالبوه بزكاة قيمتها، فأعلمهم صلى الله عليه وسلم بأنه لا زكاة عليه فيما حبس.
٧ - واستدل بالقصة على مشروعية تحبيس الحيوان والسلاح.
٨ - وأن الوقف يجوز بقاؤه تحت يد محتبسه.