للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهل تجب زكاة الفطر في عبيد التجارة؟ قال البخاري: قال الزهري في المملوكين للتجارة: يزكى في التجارة ويزكى في الفطر. وهذا هو قول الجمهور. وقال النخعي والثوري وأبو حنيفة: لا يلزم السيد زكاة الفطر عن عبيد التجارة، لأن عليه فيهم زكاة، ولا تجب في مال واحد زكاتان. والأول أصح وأولى، فزكاة التجارة من حيث هو مال، وزكاة الفطر من حيث هو نفس. والله أعلم.

وأما الزوجة فظاهر قوله في أحاديث الباب: "ذكر أو أنثى" وجوبها على المرأة سواء أكان لها زوج أم لا، وهو حجة لأبي حنيفة والثوري وابن المنذر حيث قالوا بوجوب زكاة الفطر على الزوجة في نفسها، ويلزمها إخراجها من مالها.

وعند مالك والشافعي والليث وأحمد وإسحق تجب على زوجها تبعاً لنفقتها، واحتج الشافعي بحديث مرسل: "أدوا صدقة الفطر عمن تمونون". أخرجه البيهقي، قال الحافظ ابن حجر: وهو منقطع، ولم يرتض مذهب الجمهور وألزمهم بأنهم اتفقوا على أن المسلم لا يخرج عن زوجته الكافرة مع أن نفقتها تلزمه، فلا يسلم قياس الفطرة على النفقة واتباعها لها.

أما النصاب فظاهر إطلاق أحاديث الباب: "على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى" أنها تجب على الغني ولا تجب على الفقير بهذا قال أبو حنيفة. والغني على قاعدتهم هو من ملك نصاباً، فاشترطوا لوجوبها ملكية النصاب، قياساً على زكاة الأموال وأخذاً بحديث: "لا صدقة إلا عن ظهر غنى". رواه البخاري. وأجاب الجمهور بأن زكاة الفطر زكاة أبدان، فلا تقاس على زكاة الأموال والعجب أن أبا حنيفة لا يشترط النصاب فيما تخرج الأرض، ثم يشترط النصاب هنا والمخرج ما تنبت الأرض، أما الحديث الذي استند عليه فهو خاص بزكاة الأموال، على أنه روي بلفظ: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى". كذا رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

وظاهر قوله: "على الناس ... على كل حر أو عبد .... " إلخ. يدل على أنها تجب على أهل القرى والأمصار والبوادي والشعاب، وكل مسلم حيث كان وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وجماهير العلماء. وعن عطاء والزهري وربيعة والليث: أنها لا تجب إلا على أهل الأمصار والقرى، دون البوادي. ذكره النووي.

٣ - وأما القدر الواجب عن كل فرد والأنواع التي تخرج منها، فنصوص أحاديث الباب "صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير" نص الرواية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة. أما الرواية السادسة فزادت "صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب" ثم أضافت الروايات قضاء معاوية بنصف صاع من بر. أما التمر والشعير فلا خلاف في جواز إخراجهما، ولا خلاف في المقدار الواجب منهما وهو صاع عن كل فرد، وقد اقتصر عليهما ابن حزم فلا يجزئ عنده شيء غيرهما وهو رأي لا يؤخذ به.

وأما الزبيب فقد منعه بعض المتأخرين، لكن الإجماع السابق عليهم -كما يقول النووي- يردهم.

وأما البر فلا خلاف يعتد به على جوازه، والخلاف في القدر الواجب منه، وظاهر الرواية السابعة والثامنة والتاسعة أن نصف الصاع منه تقدير من معاوية عن طريق اجتهاده، ولعله لاحظ ارتفاع سعر

<<  <  ج: ص:  >  >>