(بشر الكانزين) في رواية الإسماعيلي "بشر الكنازين" جمع كناز مبالغة كانز، و"بشر" في الأصل معناه أخبر بخبر يظهر أثره على البشرة من خير أو شر، لكنه غلب على الخير، وأصبح استعماله في الشر من قبيل التهكم، كما في قوله تعالى:{وبشر الذين كفروا بعذاب أليم}[التوبة: ٣].
(برضف يحمي عليه في نار جهنم) الرضف الحجارة المحماة، واحدها رضفة.
(فيوضع على حلمة ثدي أحدهم) الثدي يذكر ويؤنث. والحلمة بفتح الحاء واللام هي طرف الثدي ورأسه، وفي بعض كتب اللغة: لا يقال: ثدي إلا في المرأة، ويقال في الرجل ثندوة.
(حتى يخرج من نغض كتفيه) نغض الكتف بضم النون وإسكان الغين بعدها ضاد هو العظم الرقيق الذي على طرف الكتف، وقيل: هو أعلى الكتف. ويقال له أيضاً: الناغض، وقيل: النغضان اللتان ينغضان من أسفل الكتف فيتحركان إذا مشي.
(يتزلزل) أي يتحرك ويضطرب الرضف والحجارة المحماة في مرورها من حلمة الثدي إلى عظم الكتف. فضمير الفاعل للرضف، وجعله بعضهم لنغض الكتف، والمعنى أنه يتهرى ويتحرك لنضجه بمرور الرضف.
قال القاضي عياض: والصواب أن الحركة والتزلزل إنما هو للرضف.
(فوضع القوم رءوسهم) أي خفضوها وأطرقوا، ولم يواجهوه.
(فأدبر واتبعته حتى جلس إلى سارية) وهي الاسطوانة أو العمود، والمعنى أنه أدبر وولى عن القوم ولم يخرج من المسجد، وفي رواية البخاري "وأنا لا أدري من هو"؟ وفي روايتنا الثانية عشرة "ثم تنحى فقعد. قال: قلت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذر. قال: فقمت إليه" فهاتان الروايتان متعارضتان من حيث معرفة الأحنف له أو عدم معرفته له حين جلس إليه، والقول بتعدد الوقعة مستبعد، ولعل جملة "وأنا لا أدري من هو" في رواية البخاري مؤخرة من تقديم وترتيب الحديث قال كذا ثم ولى فجلس إلى سارية، وأنا لا أدري من هو؟ فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذر. فتبعته.
(ما رأيت هؤلاء القوم إلا كرهوا ما قلت لهم) في الرواية الثانية عشرة "ما شيء سمعتك تقوله قبيل"؟ أي قبيل مجيئك وجلوسك؟ وفي رواية البخاري "لا أرى القوم إلا قد كرهوا الذي قلت"؟
(قال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئاً) حين يلهثون وراء المال والكنز، فالذين يفعلون ذلك لا يعقلون مصلحتهم ولا يعقلون هدف من ينهاهم، وقد فسر هذه الجملة في الحديث نفسه بقوله:"ثم هؤلاء يجمعون الدنيا لا يعقلون شيئاً". فهي من كلام أبي ذر، وليست من تتمة كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
(فقال: أترى أحداً؟ ) أي أترى جبل أحد؟ وكانا قريبين منه.