للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي وصف البعث بالآخر قيل: إنه للتأكيد والمبالغة في البيان والإيضاح لشدة الاهتمام به كقولهم أمس الذاهب لا يعود، وقيل: لأن خروج الإنسان إلى الدنيا بعث من الأرحام، وخروجه من القبر إلى الحشر هو البعث الآخر، والراجح الأول لأنه لم يعهد شرعا إطلاق البعث على الخروج من الأرحام.

(الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا) العبادة الطاعة مع الخضوع فإن كان المراد منها هنا معرفة الله والإقرار بوحدانيته -وهو الظاهر لموافقته الرواية السابقة - كان عطف الصلاة والصوم والزكاة عليها لإدخالها في الإسلام حيث لم تدخل في العبادة ويكون اقتصاره عليها من بين أركان الإسلام لكونها أظهر شعائره، أو هذا من قبيل اقتصار بعض الرواة.

وإن كان المراد من العبادة الطاعة مطلقا دخلت جميع وظائف الإسلام فيها ويكون ذكر الصلاة والزكاة والصوم بعدها من ذكر الخاص بعد العام تنبيها على شرفه ومزيته.

وفائدة ذكر "ولا تشرك به شيئا" بعد العبادة النهي عما كان عليه الكفار الذين كانوا يعبدونه في الصورة ويعبدون معه أوثانا يزعمون أنها شركاء.

(وتقيم الصلاة المكتوبة) تقييد الصلاة بالمكتوبة اتباعا لقوله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: ١٠٣] وقيل: إن هذا القيد لإرادة الفرض منها.

(وتؤدي الزكاة المفروضة) تقييد الزكاة بالمفروضة قيل: للاحتراز عن صدقة التطوع، وقيل: لأنها مقدرة النصاب والقدر المخرج، والفرض معناه التقدير، وقيل: المكتوبة والمفروضة بمعنى واحد والمغايرة بينهما للتفنن كراهة تكرير اللفظ.

(فإنك إن لا تراه فإنه يراك) "إن" حرف شرط و"لا" نافية و"تراه" فعل الشرط مجزوم، ولم تحذف الألف للجزم على غير قياس، والأولى أن يكون من قبيل حذف كان واسمها وهو مشهور بعد "إن" و"لو" والتقدير: فإنك إن تكن لا تراه فإنه يراك.

(ولكن سأحدثك عن أشراطها) جمع شرط بفتح الشين والراء والأشراط العلامات، وقيل: مقدماتها وقيل: صغار أمورها قبل تمامها. قال النووي: وكله متقارب. وظاهر هذه الرواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم تطوع بإخبار جبريل عن أشراط الساعة من غير أن يطلبها بخلاف الرواية السابقة التي فيها قال: فأخبرني عن أمارتها. وجمع الحافظ ابن حجر بينهما بأنه ابتدأ بقوله "سأخبرك عن أشراطها" فقال له السائل: فأخبرني، ويدل على ذلك رواية "ولكن إن شئت نبأتك عن أشراطها. قال أجل" ويستفاد من اختلاف الروايات أن المراد من التحديث والإخبار والإنباء واحد.

(وإذا كانت العراة الحفاة رءوس الناس) وفي الرواية الآتية "وإذا رأيت الحفاة العراة الصم البكم ملوك الأرض" وكل ذلك كناية عن تبدل الحال ورفع الأسافل، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة" والصم البكم كناية عن عدم استعمال حواسهم في شيء من أمور دينهم وإن كانت حواسهم سليمة فكأنهم عدموها لعدم الانتفاع بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>