بالكفر، وناداه بكلمة "يا كافر" كما جاء في الرواية الثانية، أو إذا نسب إليه الكفر، وأسنده إليه، فقال: أنت كافر أو فلان كافر، والمراد من الأخوة: الأخوة في الإسلام، وعبر بلفظ "أخاه" ولم يقل: إذا كفر الرجل مسلما، لزيادة التنفير من هذا الفعل القبيح، لأن شناعة سب الأخ فوق شناعة سب البعيد، والتعبير بالرجل لما أنه الأصل في خطاب الشرع، والنساء محمولات على الرجال في الخطاب الشرعي، إلا ما ورد خاصا بهن، فمثل إكفار الرجل أخاه إكفار الرجل أخته، وإكفار المرأة أخاها أو أختها.
(أيما امرئ قال لأخيه: كافر)"أي" اسم شرط مبتدأ، و"ما" زائدة و"امرئ" مضاف إليه، وحركة الراء فيه تابعة لحركة إعرابه فتفتح في النصب، وتضم في الرفع، وتكسر في الجر كما هنا.
و"كافر" ضبطه النووي بالرفع والتنوين على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو كافر، ورواية البخاري "يا كافر" على النداء، والبناء على الضم، لأنه نكرة مقصودة.
(فقد باء بها أحدهما) ضمير "بها" لكلمة التكفير، و"باء" بمعنى رجع، والمراد بأحدهما القائل أو المقول له، والجملة جواب الشرط، والمعنى من قال لأخيه المسلم: يا كافر فقد رجع بهذه الكلمة المقول له أو القائل، ثم بين رجوع أحدهما بهذه الكلمة، فقال:
(إن كان كما قال) اسم "كان" ضمير الأخ، و"كما قال" خبر "كان" وجواب الشرط محذوف، والتقدير: إن كان الأخ المقول له كافرا في الواقع ونفس الأمر فقد باء بالتكفير.
(وإلا رجعت عليه) أي وإن لم يكن الأخ كافرا رجعت كلمة التكفير على قائلها و"إن" شرطية مدغمة في "لا" النافية، وفعل الشرط محذوف للعلم به من سابقه، وفاعل "رجعت" ضمير مستتر يعود على كلمة التكفير.
-[فقه الحديث]-
من نسب الكفر إلى مسلم، لا يخلو حاله من أحد أمور أربعة:
(أ) أن لا يقصد النسبة الحقيقية، بأن يقولها عفوا، وجريا على لسانه أو هزلا ومداعبة، فهذا آثم بلا خلاف، لأن في طهارة الألفاظ متسعا للهزل والمداعبة وبسط الكلام، لكنه ليس بكافر، ولا يبوء بهذه الكلمة أحدهما وليس مقصودا بهذا الحديث.
(ب) أن يقصد النسبة الحقيقية، لكنه يجهل حكم من كفر أخاه، فهذا آثم إثما أكبر، لأنه لا يجوز طعن مسلم - خصوصا بالكفر- إلا بعد التحقق والتأكد بجميع الوسائل والبراهين، لكنه ليس بكافر، ولا يدخل في الحديث لجهله.
(جـ) أن يقصد النسبة الحقيقية، ويعلم الحكم، لكن له وجهة نظر دينية في هذه النسبة كقولنا: