للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقار الظهر، كأن الفقير كسر فقار ظهره، فبقي له من جسمه بقية. والفقر بفتح القاف ضد الغنى، وقد تكسر الفاء. وسيأتي في فقه الحديث الفرق الشرعي بين الفقير والمسكين.

(حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم) المزعة بضم الميم وسكون الزاي، وحكى كسر الميم القطعة. قال الخطابي: يحتمل أن يكون المراد أنه سيأتي ساقطاً، لا قدر له، ولا جاه [فهو كناية عن الوجاهة ووجهاء القوم] أو يعذب في وجهه حتى يسقط لحمه لمشاكلة العقوبة في مواضع الجناية من الأعضاء، لكونه أذل وجهه بالسؤال، أو أنه يبعث ووجهه عظم كله فيكون ذلك شعاره الذي يعرف به. وقال ابن أبي جمرة: معناه أنه ليس في وجهه من الحسن شيء، لأن حسن الوجه هو مما فيه من اللحم.

(ما يزال الرجل يسأل) وفي الرواية العاشرة "لا تزال المسألة بأحدكم" وفي ذلك إشارة إلى أن الحكم موقوف على تكرار السؤال وكثرته، قال النووي: وهذا فيمن سأل لغير ضرورة سؤالاً منهياً عنه وأكثر منه.

(من سأل الناس أموالهم تكثراً) أي من سأل ليجمع الكثير من غير احتياجه إليه، وعند الترمذي "من سأل الناس ليثري ماله كان خموشاً في وجهه يوم القيامة، فمن شاء فليقل، ومن شاء فليكثر".

(فإنما يسأل جمراً) قال النووي: قال القاضي: معناه يعاقب بالنار، ويحتمل أن يكون على ظاهره، وأن الله بأخذه يصير جمراً، يكوى به، كما ثبت في مانع الزكاة.

(فليستقل أو ليستكثر) الأمر للتهديد والوعيد والتهكم، وليس لطلب السؤال القليل أو الكثير، وليس لطلب تحصيل الجمر القليل أو الكثير.

(لأن يغدو أحدكم فيحطب على ظهره) الغدو الذهاب أول النهار، قال النووي: هكذا وقع في الأصول "فيحطب" بغير تاء بين الحاء والطاء في الموضعين، وهو صحيح. اهـ وفي رواية البخاري "يغدو إلى الجبل فيحتطب" أي يجمع الحطب، فيحمله على ظهره.

(فيتصدق به) أي على نفسه، وعلى من تلزمه نفقته، فالنفقة على النفس صدقة، وليس المراد التصدق على الفقراء الأجانب، بدليل الجملة التالية.

(ويستغني به من الناس) "من الناس" بالميم هكذا هو في النسخ، وفي نادر منها "عن الناس" بالعين وكلاهما صحيح، والأول محمول على الثاني.

(خير له من أن يسأل رجلاً) "خير" خبر المصدر المنسبك من "أن يغدو" أي لغدو أحدكم ... خير له، و"خير" أفعل التفضيل على غير بابه، فسؤال الناس لا خير فيه، قال الحافظ ابن حجر:

<<  <  ج: ص:  >  >>