صلى الله عليه وسلم: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش وللعاهر الحجر، ومنع التبني منعا قاطعا.
وكان زياد ابن أبيه، أو زياد بن عبيد الثقفي كان ابن سمية، وكانت أمة للحارث بن كلدة، زوجها لمولاه عبيد، فأتت بزياد على فراشه، وهم بالطائف قبل أن يسلم أهل الطائف ونبغ زياد، وصار ملء السمع والعين، بلاغة وقوة رأي، وسمعه أبو سفيان يتكلم، فأعجب بفصاحته - وذلك في خلافة عمر- فقال: إني لأعرف من وضعه في أمه، ولو شئت لسميته، ولكن أخاف من عمر، وكان يقصد من ذلك رغبته في استلحاقه وتبنيه.
فلما ولي معاوية الخلافة كان زياد واليا على فارس من قبل علي - كرم الله وجهه- فأراد معاوية مداراته واستمالته، فأرسل إليه أنه أخوه، وأبلغه دخيلة أبي سفيان في استلحاقه، وأطمعه في أن يلحق بأبي سفيان، ويعلن للناس أنه أخوه، فأصغى زياد إلى ذلك، ورأى أنه سينال به حظوة وشرفا، وتم الاستلحاق، وادعاه معاوية وألحقه بأبي سفيان، وصار من جملة أصحابه بعد أن كان من أصحاب علي، وأمره معاوية على البصرة، ثم على الكوفة وأكرمه، فأنكر كثير من الصحابة والتابعين هذا العمل، محتجين بحديث "الولد للفراش" وإبطال الادعاء والتبني.
وكان أبو عثمان أحد المنكرين، التقى بأبي بكرة، ابن سمية، أخي زياد لأمه فقال له: كيف خالفتم الشريعة؟ وكيف اجترأتم على حدود الله؟ وكيف قبلتم هذا الإلحاق؟ ألم تسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ترغبوا عن آبائكم، ولا تتحولوا عنهم إلى غيرهم، فمن رغب عن أبيه، وانتسب إلى غيره فقد كفر، والجنة عليه حرام، ومن ادعى شيئا ليس له فليس مستقيما على شريعة الإسلام، وسيتبوأ منزلا من النار؟ .
قال أبو بكرة: مهلا يا أبا عثمان، فقد سمعت أذناي هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعاه قلبي، وأنكرت هذا الفعل مثل ما أنكرت، وخاصمت فيه زيادا وهجرته، وحلفت أن لا أكلمه أبد الدهر، ولست أملك تغيير هذا المنكر بأكثر مما فعلت، والله المستعان على ما يصفون.
-[المباحث العربية]-
(ليس من رجل)"من" زائدة والتعبير بالرجل للغالب، وإلا فالمرأة كذلك حكمها.
(وهو يعلمه) أي وهو يعلم أباه الحقيقي، أو وهو يعلم أنه غير أبيه. والثاني أولى للتصريح في الرواية الثالثة والرابعة، وجملة "وهو يعلمه" حال من فاعل "ادعى".
(إلا كفر) الاستثناء مفرغ من عموم الأخبار، وجملة "كفر" خبر، والتقدير: ليس