انتسب لأخواله للافتخار والتشرف والتباهي، أو انتسب لأحد أفراد عائلته لشهرته، فكل هؤلاء لا يدخلون في الوعيد، وإن كانوا لا يخلصون من إثم ومؤاخذة.
وإنما خص أبو عثمان أبا بكرة بالإنكار، لأن زيادا كان أخاه من أمه فحمل أبو عثمان أبا بكرة بعض تبعة إلحاق زياد بأبي سفيان، ولعله كان يجهل أن أبا بكرة بريء من هذا الفعل، وأنه أنكره بشدة، وهجر بسببه زيادا، وحلف أن لا يكلمه أبدا، ولعله أراد من قوله "ما هذا الذي صنعتم"؟ أراد "ما هذا الذي صنعه أخوك زياد"؟
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:"ومن ادعى ما ليس له، فليس منا وليتبوأ مقعده من النار" فهو أعم من الأول، لأنه يشمل من ادعى أبا غير أبيه، كما يشمل من ادعى أي شيء له، فيدخل فيه جميع الادعاءات الباطلة، سواء كانت مالا أو علما أو نسبا أو قوة أو شرفا أو حالا أو صلاحا أو نعمة أو ولاء أو غير ذلك.
ومعنى قوله:"ليس منا" أي ليس على هدينا وجميل طريقتنا، كما يقول الرجل لابنه: لست مني، فإنه لا يقصد نفي الصلة كلية، فالقصد أنه منحرف عن النهج القويم، وليس القصد التبري.
وليس معنى "وليتبوأ مقعده من النار" أن دخوله النار حتمي، بل معناه أن هذا جزاؤه إن جوزي، وقد يعفى عنه، وقد يوفق للتوبة فيسقط عنه ذلك.
-[ويؤخذ من الحديث.]-
١ - تحريم التهرب والانتفاء من النسب المعروف.
٢ - تحريم الانتساب إلى غير الأب الحقيقي.
٣ - حرص السلف الصالح على إنكار المنكر.
٤ - تحريم دعوى ما ليس له في كل شيء سواء تعلق به حق لغيره أم لا.
٥ - أنه لا يحل له أن يأخذ ما حكم له به الحاكم إذا كان لا يستحقه، ويزداد التحريم كلما زادت المفسدة المترتبة على هذا الادعاء.
٦ - أنه يحرم نداء المسلم بلفظ الكفر، أو بلفظ عدو الله ونحوه، وقد تقدم توضيح هذا في الحديث السابق.