"أذني" بلفظ الإفراد، وضبطه بعضهم "سمع أذني" بإسكان الميم وفتح العين على المصدر، و"أذني" بالإفراد، وضبطه بعضهم كذلك لكن برفع "سمع".
قال النووي: وكلها صحيحة ظاهرة.
والمسموع هو متن الحديث "من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه ... " إلى آخر الحديث.
وجملة "وهو يقول" حال من "رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
(سمعته أذناي ووعاه قلبي) أي حفظه قلبي، والمقصود من هاتين الجملتين التوثيق بالرواية، وتأكيد إسناد الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(محمدا صلى الله عليه وسلم) بنصب "محمدا" على البدل من ضمير المفعول في "سمعته أذناي" وبإحلال البدل محل المبدل منه يصبح التركيب سمعت أذناي محمدا صلى الله عليه وسلم يقول.
-[فقه الحديث]-
كان العرب في الجاهلية يستبيحون أن يتبنى الرجل ولد غيره، فلا ينسب الولد إلى أبيه الحقيقي، وإنما ينسب إلى الذي تبناه، ويصبح له حق الولد من النسب من جميع النواحي، حتى نزل قوله تعالى: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما} [الأحزاب: ٤، ٥] فحرم التبني ووجبت نسبة كل واحد إلى أبيه الحقيقي، لكن العادات العربية المتأصلة المتركزة لم يكن من السهل اقتلاعها دون تخويف ووعيد، فجاءت هذه الأحاديث مهددة منذرة بالكفر وبتحريم الجنة.
وقد سبق القول بأن أهل السنة لا يكفرون المسلم بارتكابه المعاصي، فحملوا هذا الحديث على المستحل، والمستحل كافر، والجنة عليه حرام.
وقد قدمنا في الحديث السابق تأويلات صالحة لهذا الحديث.
ونزيد هنا تأويلا لقوله، "فالجنة عليه حرام" إذ قيل في معناه أنها محرمة عليه أولا عند دخول الفائزين وأهل السلامة، ثم إنه قد يجازى، فيمنعها عند دخولهم، ثم يدخلها بعد ذلك وقد لا يجازى، بل يعفو الله عنه. ذكره النووي في شرح مسلم.
والحديث يقيد الحكم بالعلم، وهذا القيد لا بد منه، لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له، وهل يدخل في هذا الوعيد كل من انتسب إلى غير أبيه، مهما كان قصده من الانتساب، وبغض النظر عن الآثار المترتبة عليه؟ أو هو خاص بالانتساب الذي هو على شاكلة انتساب أهل الجاهلية، والذي يترتب عليه آثار غير شرعية من الإرث وغيره.
الحق أن هذا الوعيد خاص بالحالة الثانية، أما من رغب عن الانتساب لأبيه لمعرة فيه، أو