١ - أما عن الشعبة الأولى فظاهر الأحاديث توقف ثبوت الهلال على رؤية العين المجردة. وتوقف وجوب الصوم عليها، بل تفيد النهي عن الصوم بدونها، ففي الرواية الأولى والثالثة والسادسة "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه" وفي الروايات الرابعة والخامسة والثالثة عشرة والسادسة عشرة "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا" وفي الرواية الثانية والرابعة عشرة "صوموا لرؤيته".
ولا خلاف في أن الخطاب في "صوموا" و"لا تصوموا" للأمة، ولكن الخطاب في "تروا" لا يقصد به جميع أفرادها قطعاً، وإنما المراد حتى يثبت برؤية عدل منكم، أو برؤية عدلين منكم، أو برؤية جمع منكم، خلاف بين الفقهاء على أقوال كثيرة.
القول الأول: يقبل ويثبت هلال رمضان بعدل ذكر حر واحد، لما رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي بإسناد صحيح على شرط مسلم عن ابن عمر قال:"تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر الناس بالصيام".
ولأنه إيجاب عبادة، فقبل من واحد احتياطاً للفرض، ولم يقبل من العبد والمرأة لأنه شهادة كسائر الشهادات، ويشترط لفظ الشهادة، ويختص بمجلس القاضي.
أما هلال شوال فلا يقبل فيه إلا شاهدان عدلان، لأنه إسقاط فرض فاعتبر فيه العدد. وهذا القول هو الأصح عند الشافعية، قال النووي: ولا يجوز الفطر بشهادة عدل رأى هلال شوال عند جميع العلماء إلا أبا ثور، فجوزه بعدل.
القول الثاني: هو كالقول الأول، إلا أنه يقبل قول العبد والمرأة، على أساس أنه رواية، كرواية الأحاديث. وهذا رأي عند الشافعية.
القول الثالث: لا يثبت هلال رمضان إلا بشهادة عدلين، ولا مدخل للنساء والعبيد في هذه الشهادة، ويشترط لفظ الشهادة، ويختص بمجلس القاضي كذا قال بعض الشافعية.
القول الرابع: يشترط لثبوت هلال رمضان رجلان أو رجل وامرأتان. حكاه ابن المنذر عن الثوري. ولا خلاف في كل هذا عند الشافعية بين أن تكون السماء مصحية أو مغيمة.
القول الخامس: قال أبو حنيفة: إن كانت السماء مغيمة، ثبت بشهادة واحد، ولا يثبت غير رمضان إلا باثنين. قال: وإن كانت مصحية، لم يثبت رمضان بواحد ولا باثنين، ولا يثبت إلا بعدد