للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خلاف بين الفقهاء، وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأولى والثالثة والسادسة: "لا تصوموا حتى تروا الهلال" منع صوم يوم الشك، واستدل البخاري على ذلك أيضاً بقول: عمار: "من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم". قال الحافظ ابن حجر: استدل به على تحريم صوم يوم الشك، لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه، فيكون من قبل المرفوع حكماً ثم قال:

ويدخل في يوم الشك صورة الغيم وغيرها. اهـ وعلى هذا جمهور الشافعية.

قال العيني: وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم كراهة صوم يوم الشك على أنه من رمضان، وجاء ما يدل على الجواز عن جماعة من الصحابة. قال أبو هريرة: لأن أتعجل صوم يوم أحب إلي من أن أتأخر لأني إذا تعجلت لم يفتني وإذا تأخرت فاتني، ومثله عن عمرو بن العاص. وعن معاوية قال: "لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان". وروى مثله عن عائشة وأسماء بنتي أبي بكر. اهـ.

وباعث الشك قد يكون غيماً في السماء أو قترة تحول دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان، وهذه الحالة لا يسميها الإمام أحمد شكا، ويوجب صوم اليوم على أنه من رمضان، وقال الشافعي: لا يجوز صوم هذا اليوم فرضاً ولا نفلاً مطلقاً، ويصح قضاء وكفارة ونذراً، ونفلاً يوافق عادة. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز صوم هذا اليوم عن فرض رمضان. ويجوز عما سوى ذلك.

وللإمام أحمد قول كقول الشافعي، وثالث يقول: المرجع إلى رأي الإمام في الصوم والفطر.

وقد يكون باعث الشك تقاعد الناس عن رؤية الهلال، أو شهادة بالرؤية لم يقبلها الحاكم، وهذه الحالة هي التي يخص أحمد يوم الشك بها، ويذهب فيها ما يذهب فيها وفي سابقتها الجمهور، ويستدل أحمد بما أخرجه بسنده عن نافع قال: "كان ابن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رأى فذاك، وإن لم ير، ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً، وإن حال أصبح صائماً".

ونقل ابن المنذر الإجماع على أن صوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة. قال: وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين كراهته. اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: وخالف الشيعة الإجماع، فأوجبوه مطلقاً. اهـ.

-[ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم]-

١ - من الرواية الثانية وغيرها من تصفيقه صلى الله عليه وسلم بأصابع يديه جواز اعتماد الإشارة المفهمة، وجواز استخدامها ولو لغير الخرس والعجم ومن لا يفهم المنطق.

٢ - ومن ربط مواقيت العبادات بالرؤية تيسير التكاليف الشرعية، وأن الدين يسر، {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: ٧٨].

٣ - واستدل بالأحاديث على أن الثواب ليس مرتبطاً بكمية المشقة دائماً بل لله أن يتفضل بإلحاق

<<  <  ج: ص:  >  >>