للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى الجهل والجفاء وعدم الفطنة، وعضدوا ذلك بقوله: "إنك عريض القفا" وليس الأمر على ما قالوه، لأن عدياً حمل اللفظ على حقيقته التي هي الأصل، حيث لم يتبين له دليل التجوز، ومن فعل ذلك لم يستحق ذماً، ولم ينسب إلى الجهل. اهـ.

وقال القاضي عياض: إنما أخذ عدي العقالين وجعلهما تحت رأسه، لكونه سبق إلى فهمه أن المراد بها هذا، وكذا وقع لغيره ممن فعل فعله حتى نزل قوله تعالى: "من الفجر، فعلموا أن المراد به بياض النهار وسواد الليل. اهـ.

أي أن عدياً لم يحط علماً بقوله "من الفجر" ومن لا يحيط علماً بها لا يؤاخذ على حمل الخيط على حقيقته، كما هو واضح من الرواية الثانية والثالثة.

وفي المراد بقوله "إن وسادتك لعريض قال بعض العلماء: كني بالوساد عن النوم؛ لأنه يلزم من استعمال الوساد النوم غالباً، فكأنه قال: إن نومك عريض طويل كثير.

وقال بعضهم: إنه كناية عن الليل، لأنه يلزم من استعمال الوساد وجود الليل غالباً، فكأنه قال: إن ليلك طويل، لأن الذي يمد الليل إلى أن يميز ببصره في ضوء النهار بين الخيط الأبيض والخيط الأسود يكون قد أضاف إلى الليل جزءاً من النهار، فيطول بذلك ليله.

(إنما هو سواد الليل وبياض النهار) "هو" يعود على "الخيط" أي إنما الخيط الأبيض والخيط الأسود بياض النهار وسواد الليل.

(كان الرجل يأخذ خيطاً أبيض وخيطاً أسود) في الرواية الثالثة "فكان الرجل إذا أراد الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض"، فلفظ "الرجل" فيها للجنس الصادق على كثيرين، كما هو لفظ البخاري، ففيه "فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم .... " قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على تسمية أحد منهم، ولا يحسن أن يفسر بعضهم بعدي بن حاتم، لأن قصة عدي متأخرة عن ذلك. وجمع بين رواية جعل الخيطين تحت الوسادة وبين ربطهما في الرجلين، فقال لا منافاة بينهما لاحتمال أن يكون بعضهم فعل هذا، أو يكونوا يجعلونهما تحت الوسادة إلى السحر، ثم يربطونهما في أرجلهم ليشاهدوهما. اهـ.

(حتى يتبين له رئيهما) قال النووي: هذه اللفظة ضبطت على ثلاثة أوجه:

أحدها: "رئيهما" بكسر الراء، ثم همزة ساكنة، ثم ياء مضمومة، ومعناه منظرهما، ومنه قوله تعالى {أحسن أثاثاً ورئيا} [مريم: ٧٤].

والثاني: "زيهما" بزاي مكسورة، وياء مشددة بلا همزة، ومعناه لونهما.

والثالث: "ريهما" بفتح الراء وكسرها وتشديد الياء. قال القاضي: هذا غلط هنا لأن الري هو التابع من الجن، قال فإن صح رواية فمعناه مرئيهما. والله أعلم. اهـ.

وفي رواية البخاري "حتى يتبين له رؤيتهما" بضم الراء وتسكين الهمزة ثم ياء وتاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>