للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عن عبد الله) أي ابن عمر، فالراوي عنه ابنه سالم.

(إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم) أخرج أحمد عن شعبة "إن بلالاً -أو إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل- على الشك، وروي عن شعبة أيضاً "إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل" بالجزم من غير شك، وكذا أخرجه ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان من طرق عن شعبة، وكذلك أخرجه الطحاوي والطبراني عن خبيب بن عبد الرحمن، وادعى ابن عبد البر وجماعة من الأئمة بأنه مقلوب وأن الصواب "إن بلالاً يؤذن بليل".

ورجح الحافظ ابن حجر في كتاب الأذان أن الروايتين صحيحتان، ونقل جمع بعض العلماء بينهما. باحتمال أن يكون الأذان كان نوباً بين بلال وابن أم مكتوم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس أن آذان الأول منهما لا يحرم على الصائم شيئاً، ولا يدل على دخول وقت الصلاة بخلاف الثاني، وجزم ابن حبان بذلك، ولم يبده احتمالاً، وقيل لم يكن نوباً، وإنما كانت لهما حالتان مختلفتان، فإن بلال كان في أول ما شرع الأذان يؤذن وحده، ولا يؤذن للصبح حتى يطلع الفجر، وعلى ذلك تحمل رواية عروة عن امرأة من بني النجار قالت: كان بلال يجلس على بيتي، وهو أعلى بيت في المدينة، فإذا رأى الفجر تمطأ ثم أذن" أخرجه أبو داود، ثم أضيف إلى بلال، ابن أم مكتوم، فكان يؤذن بليل، واستمر بلال على حالته الأولى، وعلى ذلك تحمل روايات "إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل" ثم في آخر الأمر قدم أذان بلال وأخر أذان ابن أم مكتوم، واستقر الحال على ذلك.

وابن أم مكتوم اسمه عمرو، وقيل كان اسمه الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، قال الحافظ: ولا يمتنع أنه كان له اسمان، وهو قرشي عامري، أسلم قديماً، والأشهر في اسم أبيه قيس بن زائدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه ويستخلفه على المدينة، وشهد القادسية في خلافة عمر فاستشهد بها، وقيل: رجع إلى المدينة فمات، وهو الأعمى المذكور في سورة عبس، واسم أمه عاتكة بنت عبد الله المخزومية، وقيل ولد أعمى، فكنيت أمه أم مكتوم لانكتام نور بصره، وقيل: إنه عمي بعد بدر بسنتين، وهذا مردود بظاهر القرآن الكريم في سورة عبس المكية.

(ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا) الإشارة الأولى لبلال والثانية لابن أم مكتوم، وظاهره قرب المساحة بين الأذانين بدرجة يستبعد معها الهدف من الأذان الأول الوارد في الرواية السابعة، ولهذا قال النووي: قال العلماء: معناه أن بلال كان يؤذن قبل الفجر، ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه، ثم يرقب الفجر، فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم، فيتأهب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها، ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر. اهـ.

فالقرب قرب بين النزول والصعود، لا بين الأذانين. والله أعلم.

(لا يمنعن أحداً منكم أذان بلال من سحوره) السحور بفتح السين اسم لما يؤكل في السحر، وبضم السين الحدث والفعل والأكل نفسه، وهما جائزان هنا.

(ليرجع قائمكم) "يرجع" بفتح الياء وكسر الجيم المخففة يستعمل لازماً ومتعديا، قال النووي

<<  <  ج: ص:  >  >>