ويرفع عنه الحصانة والحماية وحسن المعاملة التي أمر بها السيد، ويصبح لا ذمة له، ولا عهد، ولا حق، ولا ضمان.
بل يحجب عنه ثواب أعماله الصالحة مدة هروبه، فإن صلى لم تقبل صلاته، وإن صام لا يثاب عن صيامه، وهكذا يغضب الله عليه طالما هو مغضب سيده، ولا يرضى عنه، ولا يقبل صالحاته إلا بعد عودته وتوبته واستقامته.
-[المباحث العربية]-
(عن الشعبي عن جرير أنه سمعه يقول) أي أن الشعبي سمع جريرا يقول.
(أيما عبد)"أي" اسم شرط مبتدأ، و"ما" زائدة، و"عبد" مضاف إليه، والمراد من العبد الرقيق.
(أبق من مواليه)"أبق" بفتح الباء وكسرها، لغتان، والفتح أفصح، إذ به جاء القرآن الكريم، فقال تعالى:{إذ أبق إلى الفلك المشحون}[الصافات: ١٤٠].
وفي القاموس: أبق العبد كسمع وضرب ومنع: استخفى ثم ذهب، والموالي جمع مولى وهو المالك.
(قد -والله- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم) القسم "والله" معترض بين حرف التحقيق "قد" وبين مدخوله، والأصل: والله قد روي هذا القول [أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم] عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(فقد برئت منه الذمة) أي بعدت عنه الحرمة، فالمراد من الذمة ذمة الله ورسوله وضمانه ورعايته.
(لم تقبل له صلاة) الظاهر أن القيد الوارد في الرواية الأولى ملحوظ هنا، والأصل لم تقبل له صلاة حتى يرجع.
-[فقه الحديث]-
الرواية الأولى تفيد أن الحديث موقوف على جرير، والحقيقة أن جريرا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن منصورا سمعه من الشعبي مرفوعا، لكنه خشي أن يصرح برفعه بالبصرة، وهي مليئة بالخوارج خشية أن يتلقفوه فيتعلقوا به استدلالا على مذهبهم القائل بتكفير أهل المعاصي، في حين أنه كأهل السنة لا يقول بكفرهم.