مرفوعان فيهما ضعف، أخرج أحدهما أبو داود من حديث أبي هريرة، والآخر أحمد من حديث عبد الله بن عمر، اهـ ويرد هذا القول أن عائشة كانت في شبابها حين قبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان الرسول صلى الله عليه وسلم ليوقعها في أمر مكروه -وكان عمر بن أبي سلمة- الذي أجيب في روايتنا الثالثة عشرة شاباً، بل لعله كان أول ما بلغ، مما يدل على أنه لا عبرة بالشيخوخة ولا بالشباب، فقد تتحرك شهوة الشيخ أسرع من شهوة الشاب.
القول السادس: التفرقة بين من يملك نفسه وبين من لا يملك نفسه، وهو قريب من القول الأول. قال الترمذي: رأى بعض أهل العلم أن للصائم إذا ملك نفسه أن يقبل وإلا فلا، ليسلم له صومه، وهو قول سفيان والشافعي.
القول السابع: التفرقة بين صيام الفرض وصيام النفل، فتباح في صوم النفل دون الفرض. روى ذلك ابن وهب عن مالك رحمه الله. والله أعلم.
كل ذلك في قبلة الصائم أو مباشرته إذا لم ينزل أو يمذي، أما إذا أنزل أو أمذى فقد قال الحنفية والشافعية: يقضي إذا أنزل في غير النظر ولا قضاء في الإمذاء، وقال مالك وإسحق: يقضي في كل ذلك ويكفر، إلا في الإمذاء فيقضي فقط، وروى ابن القاسم عن مالك وجوب القضاء فيمن باشر أو قبل فانعظم [أي انتصب] ولو لم يمذ، ولو لم ينزل. وأنكره غيره عن مالك. وقال ابن قدامة: إن قبل فأنزل أفطر بلا خلاف. قال الحافظ: وفيه نظر فقد حكى ابن حزم أنه لا يفطر ولو أنزل. اهـ.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
١ - ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إرهاف العاطفة نحو أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين.
٢ - وأن رسالته وجديته شيء ومداعبته لأزواجه شيء آخر، فهو في بيته بشر يشتهي ما يشتهيه البشر، بل في درجات البشرية العليا.
٣ - أن القبلة من حق الزوجة على زوجها، وعليه أن يعفها ويملأ عاطفتها بالمداعبة ومقدمات النكاح.
٤ - جواز الإخبار عن مثل هذا مما يجري بين الزوجين على الجملة للضرورة، قال النووي: وأما في غير حال الضرورة فمنهي عنه.
٥ - أنه لا حياء في الدين، فإن عمر بن أبي سلمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قبلة الصائم أمام أمه، وأحال الرسول صلى الله عليه وسلم الإجابة على أمه، فأجابته بما يفعله معها رسول الله صلى الله عليه وسلم.