٢٢٦٠ - عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب. فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب أفأصوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم" فقال: لست مثلنا يا رسول الله. قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فقال "والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي".
٢٢٦١ - عن سليمان بن يسار أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها عن الرجل يصبح جنباً أيصوم؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من غير احتلام ثم يصوم.
-[المعنى العام]-
أحل الله ليلة الصيام الرفث إلى النساء وجماع الزوجة إلى الفجر، ومعنى هذا أن الجماع بعد الفجر يبطل الصوم، فعرضت مسألة من جامع قبيل الفجر ولم يغتسل من الجنابة حتى طلع الفجر، هل يصح صومه أو لا يصح، وكان أبو هريرة ممن يعظم شأن الجنابة، لدرجة أنه كان يظن أن الجنب نجس، لا يقابل الطاهرين ولا يصافحهم أو لا يسلم عليهم، فهو الذي انخنس وزاغ عن مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم في الطريق، فلما سأله صلى الله عليه وسلم عن سبب انخناسه؟ قال كنت جنباً. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم. سبحان الله إن المؤمن لا ينجس. وسمع أبو هريرة من الفضل بن العباس ومن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أصبح جنباً فليفطر ولا يصم" وكان هذا الحكم على هواه فأخذ يفتي به وينشره، ويجاهر به رغم أن المسلمين علموا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن صيام من أصبح جنباً صحيح، سواء كانت الجنابة من حلم أو جماع، وعلم مروان بن الحكم أمير المدينة من جهة معاوية ما يقوله أبو هريرة، فأحب مواجهته وتقريعه وتخويفه، فأرسل إلى أمي المؤمنين عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- يسألهما عن الصائم يصبح جنباً، ليصدم أبا هريرة بما لا مرد له؛ فأجابتا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً من جماع، ويغتسل بعد الفجر ويصوم، وأن رجلاً استفتاه في ذلك فأجابه بأن صيامه صحيح. وراجعه الرجل فأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صيام من أصبح جنباً صحيح.
وأرسل مروان إلى أبي هريرة من يحرجه ويرد عليه قوله، ولما تأكد أبو هريرة من قول أمي المؤمنين رجع عن مقالته إلى ما قالته عائشة وأم سلمة رضي الله عن الصحابة أجمعين.