للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبهذه الأحاديث استدل من قال: لا يصح صومها، لا لمتمتع ولا لغيره، وهو قول علي وعبد الله بن عمرو بن العاص من السلف، والشافعي في الجديد، قال النووي: وهذا هو الأصح عند الأصحاب، وبه قال أبو حنيفة وداود وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد.

القول الثاني يجوز صيامها للمتمتع الذي لم يجد الهدي، ولا يجوز لغيره، وهو قول مالك والشافعي في القديم، وإليه مال البخاري، واستدلوا بما رواه البخاري عن ابن عمر وعائشة أنهما قالا "لم يرخص في أيام التشريق إلا لمتمتع لم يجد الهدي" وفي رواية للبخاري عنهما "قالا الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة، فإن لم يجد هدياً ولم يصم صام أيام منى".

القول الثالث: يجوز صيامها للمتمتع ولصوم له سبب، من قضاء أو نذر أو كفارة، أو تطوع له سبب، أما تطوع لا سبب له فلا يجوز، وهو قول لبعض الشافعية.

القول الرابع: يجوز صيامها مطلقاً، للمتمتع وغيره بسبب وبغير سبب. رواه ابن المنذر وغيره عن الزبير بن العوام وأبي طلحة من الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين.

وأما صوم يوم الجمعة: فإن روايتنا التاسعة والعاشرة والحادية عشرة تنهي عن إفراد يوم الجمعة بصوم والاستثناء في العاشرة والحادية عشرة يفيد الإطلاق في الرواية التاسعة، ويزيد هذا القيد اعتباراً ما رواه البخاري عن جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها- "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا. قال: تريدين أن تصومي غداً؟ قالت: لا. قال: فافطري".

وللفقهاء في حكم صوم يوم الجمعة أقوال:

القول الأول: منع إفراد يوم الجمعة بصوم، مما يشعر بالتحريم -نقله أبو الطيب الطبري عن أحمد وابن المنذر وبعض الشافعية، حيث قال ابن المنذر: ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة، كما ثبت النهي عن صوم يوم العيد، وزاد يوم الجمعة الأمر بفطر من أراد إفراده بالصوم. وقال أبو جعفر الطبري: يفرق بين العيد والجمعة بأن الإجماع منعقد على تحريم صوم يوم العيد ولو صام قبله أو بعده، بخلاف يوم الجمعة فالإجماع منعقد على جواز صومه لمن صام قبله أو بعده. ونقل ابن المنذر وابن حزم منع صومه عن علي وأبي هريرة وسلمان وأبي ذر قال ابن حزم: لا نعلم مخالفاً لهم من الصحابة.

القول الثاني: قول الجمهور، وأنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق عادة له، فإن وصله بيوم قبله أو بعده، أو وافق عادة له بأن نذر أن يصوم يوم شفاء مريضه أبداً، فوافق يوم الجمعة لم يكره، فالنهي للتنزيه.

القول الثالث: قال مالك وأبو حنيفة: لا يكره إفراد يوم الجمعة بصوم مطلقاً، ولم يوافقهما كثير من أصحابهما. أما مالك فقال في الموطأ: لم أسمع أحداً من أهل العلم والفقه، ومن به يقتدى نهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه.

<<  <  ج: ص:  >  >>