للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحق أن الأحاديث الكثيرة الواردة في فضل ليلة النصف من شعبان لا تخلو عن ضعف، قال الحافظ أبو بكر بن العربي: لا يصح فيه شيء، ونسخ الآجال فيها، لا يخلو من مجازفة. اهـ

وهناك مرويات صرح العلماء بأنها موضوعة منها ما نسب إلى الإمام علي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان قام فصلى أربع عشرة ركعة، ثم جلس، فقرأ بأم القرآن أربع عشرة مرة .... " الحديث طويل، وفي آخره "من صنع هكذا لكان له كعشرين حجة مبرورة، وكصيام عشرين سنة مقبولة فإن أصبح في ذلك اليوم صائماً كان له كصيام ستين سنة ماضية وستين سنة مستقبلة" ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: هذا موضوع وإسناده مظلم. وروي أيضاً لعلي "من صلى مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان. "إلخ وقال: لا شك أنه موضوع.

وقد أطال الوعاظ الكلام في هذه الليلة وذكر فضائلها وخواصها بما لا أصل له، لكن كل هذا لا يمنع من فضل شهر شعبان، وفضل الصيام فيه ولا تعارض بين إكثار النبي صلى الله عليه وسلم الصيام في شعبان وبين النهي عن صوم يوم الشك، وعن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين. وعن صوم نصف شعبان الثاني قال الحافظ ابن حجر: فإن الجمع بينها ظاهره بأن يحمل النهي على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده. اهـ

وقد تعرضت الرواية المتممة للأربعين والواحدة والأربعون والثانية والأربعون إلى صيام سرر شعبان. وذكرنا طرفاً من شرحها في المباحث العربية، وقلنا: قد يراد بسرر شعبان الأيام الثلاثة التي في وسطه، وقد يراد بها آخره، وسيأتي ما يستنبط من هذه الروايات فيما يؤخذ من الحديث من الأحكام. والله أعلم.

وثاني وثالث الأيام التي خصت بالصوم في روايتنا صيام يوم عاشوراء، وصيام يوم عرفة. وقد تعرضت لهما الرواية السابعة والثلاثون والثامنة والثلاثون، وسبق الكلام عليهما في بابين خاصين بهما قبل بابين.

ورابعها وخامسها: صوم يوم الإثنين ويوم الخميس، وقد جاء في الرواية الثامنة والثلاثين "سئل عن صوم يوم الإثنين؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه" وفي ملحق هذه الرواية "وسئل عن صوم يوم الإثنين والخميس" وفي الرواية التاسعة والثلاثين "سئل عن يوم الإثنين؟ فقال: فيه ولدت، وفيه أنزل علي".

قال النووي في المجموع: اتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب صوم الإثنين والخميس، وساق دليلاً على ذلك أحاديث الباب، وزاد ما رواه أحمد بن حنبل والدارمي وأبو داود والنسائي عن أسامة، ولفظ أبي داود" قلت: يا رسول الله إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم، إلا في يومين، إن دخلا في صيامك، وإلا صمتهما، قال: أي يومين؟ قلت: يوم الإثنين والخميس. قال: ذلك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" وما رواه مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين، يوم الإثنين

<<  <  ج: ص:  >  >>