٥ - أنها ليلة اثنتين وعشرين إن كان الشهر ناقصاً وليلة ثلاث وعشرين إن كان تاماً.
٦ - أنها ليلة سبع وعشرين، وهذا القول هو الجادة من مذهب أحمد، ورواية عن أبي حنيفة وبه جزم أبي بن كعب وحلف عليه، كما في روايتنا السادسة عشرة والسابعة عشرة، وحكاه صاحب الحلية من الشافعية عن أكثر العلماء. وقد استنبطه ابن عباس عند عمر -رضي الله عنهما- ووافقه عمر عليه، فقد روى الحاكم عن ابن عباس أن عمر كان إذا دعا الأشياخ من الصحابة قال لابن عباس: لا تتكلم حتى يتكلموا، فقال ذات يوم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر وتراً" أي الوتر هي؟ فقال رجل برأيه: تاسعة سابعة خامسة. ثالثة. فقال عمر: مالك لا تتكلم يابن عباس؟ قال: أتكلم برأيي؟ قال: عن رأيك أسألك. قال إني لأعلم -أو أظن- أنها سابعة تمضي، أو سابعة تبقى من العشر الأواخر فقال: من أين علمت ذلك؟ قال: خلق الله سبع سموات، وسبع أرضين، وسبعة أيام، والإنسان خلق من سبع ويأكل من سبع، ويسجد على سبع، ورمي الجمار سبع. فقال عمر لقد فطنت له، ثم قال: أعجزتم أن تكونوا مثل هذا الغلام الذي ما استوت شئون رأسه؟ .
واستنبط بعضهم هذا العدد من عدد كلمات السورة، وقد وافق قوله فيها "هي" سابع كلمة بعد العشرين، واستنبط بعضهم ذلك من جهة الحروف فقال ليلة القدر تسعة أحرف، وقد أعيدت في السورة ثلاث مرات، فذلك سبع وعشرون.
٧ - أنها في أوتار العشر الأخير. قال الحافظ: وهو أرجح الأقوال وصار إليه أبو ثور والمزني وابن خزيمة وجماعة من علماء المذاهب.
٨ - أنها تنتقل في العشر الأخير كله، نص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحق، وزعم الماوردي أنه متفق عليه. ويقويه معظم الأحاديث، واعتكافه صلى الله عليه وسلم العشر الأخير في طلب ليلة القدر، واعتكاف أزواجه بعده، والاجتهاد فيه.
واختلف القائلون بهذا، فمنهم من قال: هي فيه محتملة على حد سواء، ومنهم من قال: بعض لياليه أرجى من بعض. واختلفوا. فمنهم من قال. أرجاه ليلة إحدى وعشرين، ومنهم من قال: أرجاه ليلة ثلاث وعشرين، ومنهم من قال: أرجاه ليلة سبع وعشرين. والله أعلم.
أما كيف تعلم؟ فقد قال ابن العربي: الصحيح أنها لا تعلم. وأنكر الثوري هذا القول، وقال: قد تظاهرت الأحاديث بإمكان العلم بها، وأخبر به جماعة من الصالحين، فلا معنى لإنكار ذلك.
واختار الطبري أنه لا يشترط لحصولها رؤية شيء ولا سماعه: قال الحافظ ابن حجر: واختلفوا. هل يحصل الثواب المترتب عليها لمن قامها وإن لم يظهر له شيء؟ أو يتوقف ذلك على كشفها له؟ وإلى الأول ذهب الطبري والمهلب وابن العربي وجماعة، وإلى الثاني ذهب الأكثر ويدل له ما وقع عند مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ "من يقم ليلة القدر فيوافقها" وفي حديث عبادة عن أحمد "من قامها إيماناً واحتساباً، ثم وفقت له" قال النووي: معنى "يوافقها" أي يعلم أنها ليلة القدر فيوافقها،