٦ - استدل ابن حزم بقوله في الرواية الأولى:"فمن كان دونهن فمن أهله" وقوله في الرواية الثانية: "ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ" استدل به على أن من ليس له ميقات فميقاته من حيث شاء، وكأنه أراد من قوله "دونهن" أي غيرهن، وليس المراد منه الأقرب إلى مكة منهن، لذا قال الحافظ ابن حجر: ولا دلالة فيه لأنه يختص بمن كان دون الميقات، أي إلى جهة مكة.
٧ - قال الحافظ: ويؤخذ منه أن من سافر غير قاصد للنسك، فجاوز الميقات، ثم بدا له بعد ذلك النسك أنه يحرم من حيث جد له القصد، ولا يجب عليه الرجوع إلى الميقات لقوله "فمن حيث أنشأ".
٨ - استدل به على أن من كان مسكنه بين مكة والميقات فميقاته مسكنه ولا يلزمه الذهاب إلى الميقات، ولا يجوز له مجاوزة مسكنه بغير إحرام. قال النووي هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا مجاهداً فقال ميقاته مكة نفسها.
٩ - وظاهر قوله:"حتى أهل مكة يهلون منها" أن أهل مكة يهلون من مكة للحج والعمرة، ولكن هذا الظاهر غير مراد، بل هو خاص بالحاج، وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل، قال المحب الطبري لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة.
واختلف في القارن من أهل مكة، فذهب الجمهور: إلى أن حكمه حكم الحاج في الإهلال من مكة، وقال ابن الماجشون: يجب عليه الخروج إلى أدنى الحل، لأن العمرة إنما تندرج في الحج فيما محله واحد، كالطواف والسعي، أما الإحرام فمحله فيها مختلف.
واختلف في الأماكن التي يحرم منها أهل مكة [والمراد من أهل مكة هنا -كما قال النووي- من كان بمكة عند إرادة الإحرام بالحج، سواء أكان مستوطناً أم عابر سبيل].
قال النووي: ميقاته نفس مكة، ولا يجوز له ترك مكة والإحرام بالحج من خارجها سواء من الحرم أو من الحل. ثم قال: هذا هو الصحيح عند أصحابنا وقال بعض أصحابنا: يجوز له أن يحرم بالحج من الحرم، كما يجوز من مكة، لأن حكم الحرم حكم مكة، قال: والصحيح الأول، لهذا الحديث، ثم قال: قال أصحابنا: ويجوز أن يحرم من جميع نواحي مكة بحيث لا يخرج عن نفس المدينة وسورها، وفي الأفضل قولان: أصحهما من باب داره والثاني من المسجد الحرام تحت الميزاب.
١٠ - استدل بقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأولى والثانية "وقت" وقوله في الرواية السادسة "أمر" وقول ابن عمر في رواية البخاري "فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجد قرناً .... إلخ" على: أنه لا يجوز الإحرام بالحج والعمرة من قبل الميقات، وهذا ظاهر صنيع البخاري حيث قال:"باب فرض مواقيت الحج والعمرة"، ثم قال:"باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذي الحليفة". قال الحافظ ابن حجر: وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على الجواز، وفيه نظر، فقد نقل عن إسحاق وداود وغيرهما عدم الجواز، وهو ظاهر جواب ابن عمر ويؤيده القياس على الميقات الزماني، فقد أجمعوا على أنه لا يجوز التقدم عليه وفرق الجمهور بين الزماني والمكاني، فلم