(التلبية) مصدر "لبى" كما يقال: سمى تسمية، وصفى تصفية، وتلبية الحاج أو المعتمر قوله: لبيك اللهم لبيك.
(لبيك اللهم لبيك) منصوب بفعل مضمر لا يظهر، وأصله: لببت لبين لك [لببت بفتح الباء الأولى مخففة وسكون الثانية، ولبين بتشديد الباء، تثنية لب] يقال: لب بالمكان لباً أقام به ولزمه، والمعنى: أنا مقيم على طاعتك، ملازم إجابتك، إقامتين وإجابتين، ويقال: امرأة لبة، أي محبة لولدها عاطفة عليه، فالمعنى محبتي لك، ويقال: داري تلب دارك أي تواجهها، فالمعنى: اتجاهي لك وقصدي إليك، ويقال: حب لباب، ولب الشيء صفوته وخالصه، فالمعنى: إخلاصي لك، ويقال:"الإلباب" القرب والطاعة، قال إبراهيم الحربي: المعنى قرباً منك وطاعة، وقال أبو نصر: معناه أنا ملب بين يديك، أي خاضع.
وكلها معان صالحة ومتقاربة، ويمكن جمعها في المراد منها.
والقول بأن "لبيك" مثنى، قول سيبويه وأكثر الناس، وقال يونس بن حبيب البصري:"لبيك" اسم مفرد لا مثنى. قال: وألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالضمير، مثل "لديَّ" و"عليَّ".
(إن الحمد والنعمة لك والملك) يروى بكسر الهمزة من "إن" على الاستئناف وبفتحها على التعليل، وجهان مشهوران لأهل الحديث وأهل اللغة قال الجمهور: الكسر أجود، وقال الخطابي: الفتح رواية العامة، وقال ثعلب: الاختيار الكسر، وهو الأجود في المعنى من الفتح، لأن من كسر جعل معناه: إن الحمد والنعمة لك على كل حال، ومن فتح قال: معناه لبيك لهذا السبب.
"والنعمة لك" المشهور فيها: نصب "النعمة" عطفاً على "الحمد"، ويجوز رفعها على الابتداء، ويكون الخبر محذوفاً، قال ابن الأنباري: وإن شئت جعلت خبر "إن" محذوفاً تقديره: إن الحمد لك، والنعمة مستقرة لك. اهـ
وفي سر عدم وصل "الملك" بالحمد والنعمة قبل ذكر الخبر قال ابن المنير: قرن "الحمد والنعمة" وأفرد "الملك" لأن الحمد متعلق النعمة، ولهذا يقال: الحمد لله على نعمه فجمع بينهما، كأنه قال: لا حمد إلا لك، لأنه لا نعمة إلا لك، وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه، ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله، لأنه صاحب الملك، اهـ
والأولى: نصب "الملك" عطفاً على "الحمد" ولا يضر ذكر الخبر بينهما، كما نقول: إن زيداً في الدار وبكراً. ويجوز رفعه على الابتداء، وخبره محذوف والتقدير والملك لك وحدك لا شريك لك.
(كان ابن عمر يزيد .... ) عرف أن ابن عمر اقتدى في ذلك بأبيه، كما صرح بذلك في الرواية الثالثة.