كان الحكم الشرعي أن يغسل كما يغسل من يموت دون إحرام، بماء وسدر، وأن يكفن في إزاره وردائه اللذين كان محرماً فيهما، وأن يظل بهيئة الإحرام، فلا يحنط ولا يمس بالطيب، ولا يغطى رأسه، فإن الله تعالى سيبعثه على الهيئة التي مات عليها، وستشهد له ثيابه أمام الخلائق بأنه مات محرماً أثناء عبادته ربه، شهادة تشريف وتكريم.
-[المباحث العربية]-
(خر رجل من بعيره) في الرواية الثانية "وقع من راحلته" وفي الرواية الثامنة "فوقع من ناقته" والمعنى واحد، وأن الرجل كان راكباً ناقة أو بعيراً، لم يتبين ابن عباس الذكورة أو الأنوثة، ولم يعبأ بها، لأنها لا تأثير لها في الحادثة.
(فوقص) بالبناء للمجهول، وفي الرواية الثانية "فأوقصته" أو "فأقعصته" أو "فوقصته" وفي الرواية الثالثة "فوقص وقصاً" وفي الرواية السابعة "وقصه بعيره".
قال الحافظ ابن حجر: المعروف عند أهل اللغة "وقصته" والذي بالهمز شاذ والوقص كسر العنق، وقال: ويحتمل أن يكون فاعل "وقصته" الوقعة أو الراحلة، بأن تكون أصابته بعد أن وقع. والأول أظهر. اهـ
والأظهر عندي خلاف الأظهر عنده، ففي الرواية الخامسة "أوقصته راحلته" وفي السادسة والعاشرة "فوقصته ناقته" وفي السابعة "وقصه بعيره" وفي التاسعة "وقصت رجلاً راحلته" وكلها تصرح بفاعل الوقص وأنه الناقة، فإن كان الكسر حصل بسبب الوقوع فعلاً فإسناد الوقص إلى الراحلة مجاز في هذه النصوص.
وأما معنى "فأقعصته" أي قتلته في الحال، ومنه قعاص الغنم، وهو موتها بداء يأخذها، تموت فجأة، وفي رواية للبخاري "فأقصعته" بتقديم الصاد على العين أي هشمته يقال: أقصع القملة إذا هشمها.
(اغسلوه بماء وسدر) السدر: شجر النبق، وأوراقه تقوم مقام الصابون برائحة طيبة، ويوضع في ماء الغسل.
(وكفنوه في ثوبيه) وكذا في الرواية الخامسة والسادسة، وفي الرواية الثالثة "وألبسوه ثوبيه" وأما في الرواية الثانية "وكفنوه في ثوبين" وفي الثامنة "وأن يكفن في ثوبين" بدون إضافة، وفي ذلك بحث فقهي يأتي.
(ولا تخمروا رأسه) أي لا تغطوا رأسه بالخمار، وفي الرواية الخامسة "ولا تخمروا رأسه ولا وجهه" وفي ملحق الرواية الثامنة "خارج رأسه ووجهه" وفي الرواية التاسعة "وأن يكشفوا وجهه ورأسه" وفي الرواية العاشرة "ولا تغطوا وجهه" وسيأتي الكلام على كشف الوجه في فقه الحديث.