(فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً) أي على الحالة التي مات عليها، وفي ملحق الرواية الثانية، وفي الرواية الثالثة، والعاشرة "يبعث يلبي" وفي التاسعة "يبعث يوم القيامة وهو يهل" لكن في الرواية السادسة والسابعة والثامنة "ملبداً" بالدال بدل الياء، والتلبيد: جمع الشعر بصمغ أو غيره ليخف شعثه، وكانت عاداتهم في الإحرام أن يفعلوا ذلك، قاله الحافظ ابن حجر، وقال: ليس قوله "ملبداً" فاسد المعنى، بل توجيهه ظاهر، وأنكر القاضي عياض هذه الرواية وقال ليس للتلبيد معنى.
(بينا رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وقع) في رواية البخاري "بينما رجل واقف" وهي "بين" الظرفية، أطلقت بعدها الألف، أو زيدت عليها "ما" والعامل فيها معنى المفاجأة، والتقدير: فاجأ الوقوع رجلاً وقت وقوفه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ: واستدل بلفظ "واقف" على إطلاق لفظ الواقف على الراكب.
(فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم) يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يره عند سقوطه فأخبر به، إذ لا يشترط في المعية القرب، فكل أهل الموقف حينئذ كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه رآه يقع، وذكر له أنه وقص ومات.
(ولا تحنطوه) الحناط بكسر الحاء، والحنوط بفتحها: كل ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة من مسك وذريرة وصندل وعنبر وكافور وغير ذلك. وفي الرواية السادسة "ولا تمسوه بطيب" بضم التاء وكسر الميم وضم السين المشددة من أمس وفي الرواية السابعة والثامنة "ولا يمس طيباً" بضم الياء وفتح الميم، وفي الرواية العاشرة "ولا تقربوه طيباً" بضم التاء وفتح القاف وكسر الراء المشددة.
(أقبل رجل حراماً) قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ، وفي بعضها "حرام"[كما في روايتنا الرابعة] وهذا هو الوجه، وللأول وجه، وهو أن يكون حالاً، وقد جاءت الحال من النكرة على قلة.
(فوقص وقصاً) أي فكسر عنقه كسراً شديداً.
(خارج رأسه) من الكفن.
-[فقه الحديث]-
في أحكام هذا الحديث خلاف بين الفقهاء.
قال النووي: في هذه الروايات دلالة بينة لمذهب الشافعي وأحمد وإسحق وموافقيهم في أن المحرم إذا مات لا يجوز أن يلبس المخيط، ولا تخمر رأسه، ولا يمس طيباً وقال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة وغيرهم: يفعل به ما يفعل بالحي وهذا الحديث راد عليهم. اهـ
أما وجهة نظر كل من الفريقين فيقول المالكية ومن معهم: إن الإحرام ينقطع بالموت،