ما يفعل الحاج إذا منع رغماً عنه عن الوصول إلى البيت الحرام، فقال:{فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} وقد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الحديبية، ومنعوا من الوصول إلى البيت في عامهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن يذبحوا الهدي ويحلقوا ويحلوا ليرجعوا إلى المدينة.
أما المريض الذي يخشى على نفسه أن يحبسه المرض في الطريق عن إتمام حجه فهذا الحديث يرشده إلى أن ينوي عند إحرامه أن يتحلل في المكان والزمان الذي يحبس فيه، بأن يقول في نفسه، وإن شاء بلسانه: اللهم محلي حيث حبسني مرضي. وهذه النية -وتسمى اشتراطاً- مشروعة، سواء قيل بوجوبها أو باستحبابها، أو بجوازها، بل هي لا تضر عند من ينكرها حتى وإن أنكر أثرها وتأثيرها، والذي أميل إليه: أنها مستحبة للمريض الذي يخشى أن يحبسه المرض. والله أعلم.
-[المباحث العربية]-
(دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير)"ضباعة" بضم الضاد بنت الزبير بن عبد المطلب، كما جاء في الرواية الثانية وهي بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم وفي الرواية الثالثة "أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم" فيحتمل أنها أتته تسأله، فنزلت على عائشة فأخبرتها بمسألتها فأخبرت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليها، فسألها فعرضت أمرها.
(ما أجدني إلا وجعة) أي مريضة، وفي الرواية الثانية "وأنا شاكية" أي أشكو آلامي لنفسي ولمن حولي بالتأوه والتوجع، وأخشى أن لا أتم حجي، وفي الرواية الثالثة "إني امرأة ثقيلة" أي أثقلني المرض، وأضعف قوتي على حمل جسمي، وأضعف حركتي، وقولها "ما أجدني" أي ما أجد نفسي، واتحاد الفاعل والمفعول مع كونهما ضميرين لشيء واحد من خصائص أفعال القلوب.
(حجي واشترطي) أي انوي الحج، وأحرمي به، كما جاء في الرواية الثالثة "أهلي بالحج" ومعنى "اشترطي" ضعي شرطاً في الإحرام "إن حبست عن إتمام الحج أحللت".
(اللهم محلي حيث حبستني)"محلي" بفتح الميم وكسر الحاء، أي مكان إحلالي أو زمان إحلالي مكان وزمان إحصاري ومنعي واحتباسي عن تكملة حجي.
(فأدركت) أي فأدركت الحج وأتمته، ولم تحبس، ولم تتحلل حتى فرغت منه.
-[فقه الحديث]-
يتعلق بهذا الحديث مسائل أثارها الفقهاء لاختلاف الأدلة، منها:
الأولى: التفرقة بين الإحصار بالعدو، والإحصار بغير العدو: روي عن ابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت، وهو قول عطاء والنخعي وسفيان الثوري وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر أن