(وأكثرها ثمنًا) وفي رواية "أعلاها ثمنا" بالعين المهملة أو بالغين، فأفضل الرقاب من جمعت بين الصفتين.
(فإن لم أفعل؟ ) المفعول وجواب الشرط محذوفان للعلم بهما، والتقدير: فإن لم أفعل العتق فماذا أفعل من الخير؟ أي إن لم أقدر على ذلك، فأطلق الفعل وأراد القدرة عليه، وفي رواية "فإن لم أستطع".
(تعين صانعا) وفي رواية "الصانع" روي بالصاد المهملة في "صانعا" و"تصنع" من الصنعة، وروي بالضاد المعجمة، وبالهمزة بدل النون، تكتب ياء في الخط من الضياع، والصحيح عند العلماء رواية الصاد المهملة لمقابلته بالأخرق، وإن كان المعنى بالضاد المعجمة صحيحا، إذ معونة الضائع مطلوبة.
(أو تصنع لأخرق) الأخرق هو الذي ليس بصانع، يقال: رجل أخرق وامرأة خرقاء لمن لا صنعة له.
(أرأيت) أي أخبرني عن جواب هذا الاستفهام وفي دلالة "أرأيت" على أخبرني مجازان.
الأول: في الاستفهام الذي هو طلب الفهم، بأن نريد منه مطلق الطلب عن طريق المجاز المرسل بعلاقة الإطلاق بعد التقييد.
الثاني: في "رأي" التي هي بمعنى علم أو أبصر، بأن نريد منها المسبب عن العلم أو الإبصار، وهو الإخبار، عن طريق المجاز المرسل أيضا بعلاقة السببية والمسببية، فيتحصل منهما طلب الإخبار المدلول عليه بلفظ أخبرني.
(إن ضعفت عن بعض العمل) أي لم أستطع عمل الخير المشار إليه صحيا أو ماليا.
(فإنها صدقة منك على نفسك) الضمير في "فإنها" عائد على كف الشر باعتباره خصلة وفعلة، أي فإن هذه الخصلة أو الفعلة صدقة، والصدقة في الأصل ما يخرجه المرء من ماله في ذات الله، والمراد منها هنا الثواب. وإذا كف شره عن غيره فكأنه قد تصدق عليه لأمنه منه، فإن كان شرا لا يعدو نفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم.
-[فقه الحديث]-
جعل الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أفضل الأعمال الإيمان بالله ثم الجهاد ثم الحج، وفي حديث ابن مسعود الآتي جعل أفضل العمل الصلاة لوقتها ثم الجهاد في سبيل الله، وفي حديث عبد الله بن عمرو: أي الإسلام خير؟ قال:"تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف". وفي حديث أبي موسى:"أي المسلمين خير؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده". وفي حديث عثمان:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وأمثال هذا في الصحيح كثيرة.