للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالله ورسوله، لأنه شرط في كلها، وأساس في قبول أي منها، ثم إن شرف الصفة بشرف متعلقها، ومتعلق الإيمان الله ورسوله، ولا يدخل في الإيمان ها هنا الأعمال بسائر الجوارح كالصوم والحج والجهاد وغيرها لكونه جعل قسيما للجهاد والحج، ولا يمنع هذا من تسمية الأعمال المذكورة إيمانا باعتبارها من الإيمان المنجي من النار. أما الشبهة الواردة في عد الإيمان من الأعمال مع أنه التصديق بالقلب عند جمهور المتكلمين. فقد يجاب عنها بأن المراد من الأعمال المسئول عن أفضلها ما هو أعم من عمل القلب وعمل الجوارح، وهذا الجواب خير من قول بعضهم: إن المراد من الإيمان المجعول أفضل هو الذكر الخفي من تعظيم حق الله تعالى وحق رسوله صلى الله عليه وسلم وإدامة الذكر وتدبر آيات كتاب الله.

وأما عدم ذكر الحج في روايتنا الثانية وعدم ذكر العتق وما بعده في روايتنا الأولى فهو من تصرف الرواة. والله أعلم.

وقد أفادت الرواية الثانية أن عتق أنفس الرقاب أفضل من عتق غير الأنفس. وهذا فيمن أراد أن يعتق رقبة واحدة، أما إذا كان معه ألف درهم وأمكن أن يشتري رقبتين مفضولتين أو رقبة نفيسة، فالرقبتان أفضل، وهذا بخلاف الأضحية فإن التضحية بشاة سمينة أفضل من التضحية بشاتين دونها في السمن، قال الشافعي: في الأضحية استكثار القيمة مع استقلال العدد أحب إلي من استكثار العدد مع استقلال القيمة، وفي العتق استكثار العدد مع استقلال القيمة أحب إلي من استكثار القيمة مع استقلال العدد، لأن المقصود من الأضحية اللحم، ولحم السمين أوفر وأطيب، والمقصود من العتق تكميل حال الشخص وتخليصه من ذل الرق، وتخليص جماعة أفضل من تخليص واحد.

-[ويؤخذ من الحديث]-

١ - حرص الصحابة على تتبع أفضل الأعمال والسؤال عنه لالتزامه.

٢ - حلم النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه بالسائل حتى ولو تمادى في تساؤله.

٣ - الترغيب فيما ذكر من الأعمال باعتباره أفضل شعب الإيمان.

٤ - فيه حجة لمن جعل الترك والكف عملا وكسبا للعبد.

٥ - استدل بظاهره بعضهم على أنه ليس في الشرع شيء إلا وله أجر أو عليه وزر، والجمهور على خلافه.

٦ - فيه إشارة إلى أن الصدقة لا تنحصر في الأمر المحسوس.

٧ - فيه أن الكف عن الشرور والآثام يثاب عليه، والجمهور على أنه يثاب إذا قصد بالترك وجه الله تعالى.

٨ - الحث على فعل الخير مهما أمكن، وليس في الحديث ترتيب فيما تضمنه إنما هو لإيضاح

<<  <  ج: ص:  >  >>