للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو حنيفة، وتقديرها: ومن أحرم بعمرة وأهدى فليهل بالحج ولا يحل حتى ينحر هديه. قال: ولا بد من هذا التأويل، لأن القضية واحدة، والراوي واحد، فيتعين الجمع بين الروايات على ما ذكرناه. اهـ

والتحقيق أن ظاهر الروايات مع أبي حنيفة وأحمد، ولا قياس مع النص، والجمع ممكن بغير ما جمع به النووي كما وضحنا في أول المباحث العربية.

وأما القران فصورته -كما قال النووي- أن يحرم بهما جميعاً، وكذا لو أحرم بالعمرة ثم أحرم بالحج قبل طوافها صح وصار قارناً، فلو أحرم بالحج، ثم أحرم بالعمرة فقولان للشافعي، أصحهما لا يصح إحرامه بالعمرة، والثاني يصح ويصير قارناً، بشرط أن يكون قبل الشروع في أسباب التحلل من الحج، وقيل: قبل الوقوف بعرفات، وقيل: قبل فعل فرض، وقيل: قبل طواف القدوم أو غيره.

وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن لمن أهل بالعمرة في أشهر الحج أن يدخل عليها الحج، ما لم يفتتح الطواف بالبيت، قال: واختلفوا في إدخاله عليها بعد افتتاح الطواف، فجوزه مالك ومنعه الشافعي، واختلفوا في إدخال العمرة على الحج، فقال أصحابنا: يجوز ويصير قارناً، وهو قول قديم للشافعي، ومنعه الشافعي في مصر، ونقل منعه عن أكثر من لقيه. قال ابن المنذر: وبقول مالك أقول.

أي وجوه الإحرام الثلاثة أفضل؟

قال النووي: أما الأفضل من هذه الأنواع الثلاثة ففيه طرق وأقوال منتشرة الصحيح منها أن أفضلها الإفراد ثم التمتع ثم القران، وقال في شرح مسلم: واحتج الشافعي وأصحابه في ترجيح الإفراد بأنه صح ذلك من رواية جابر وابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم، وهؤلاء لهم مزية على غيرهم في حجة الوداع، ثم ذكر مزاياهم، وقال: ومن دلائل ترجيح الإفراد أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أفردوا الحج، وواظبوا على إفراده، ولو لم يكن الإفراد أفضل لم يواظبوا عليه مع أنهم الأئمة الأعلام، وقادة الإسلام، ويقتدى بهم في عصرهم وبعدهم، فكيف يليق بهم المواظبة على خلاف الأفضل؟ ومنها أن الإفراد لا يجب فيه دم بالإجماع، وذلك لكماله، ويجب الدم في التمتع والقران، وهو دم جبران، لفوات الميقات وغيره، فكان ما لا يحتاج إلى جبر أفضل ومنها أن الأمة أجمعت على جواز الإفراد من غير كراهة، وكره عمر وعثمان وغيرهما التمتع، وبعضهم كره التمتع والقران، فكان الإفراد أفضل. والله أعلم.

القول الثاني أن أفضلها التمتع ثم الإفراد، الثالث: أفضلها الإفراد ثم القران ثم التمتع، وقال: قال أصحابنا: وشرط تقديم الإفراد أن يحج ثم يعتمر في سنة واحدة، فإن أخر العمرة عن سنة فكل واحد من التمتع والقران أفضل منه بلا خلاف، لأن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه.

هذا مذهب الشافعية، وبه قال العلماء وكافة الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وبه قال مالك والأوزاعي وأبو ثور وداود، وقال أبو حنيفة: القران أفضل، وقال أحمد: التمتع أفضل،

<<  <  ج: ص:  >  >>