للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففي روايتنا التاسعة والخمسين والمتممة للستين تقول للنبي صلى الله عليه وسلم "ما شأن الناس حلوا ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال: إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أحل من الحج".

ونذكر منهم عمران بن حصين رضي الله عنه.

ففي روايتنا الثالثة والخمسين والرابعة والخمسين والخامسة والخمسين يقول "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حج وعمرة" ونذكر منهم أنس بن مالك رضي الله عنه.

ففي روايتنا السابعة والستين والثامنة والستين يقول: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعاً، سمعته يقول: لبيك عمرة وحجاً".

قال النووي في المجموع: من الصحابة من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجة الوداع مفرداً، ومنهم من روى أنه كان قارناً، ومنهم من روى أنه كان متمتعاً، وكله في الصحيح، وهي قصة واحدة، فيجب تأويل جميعها ببعضها، والجمع بينها، والصواب الذي نعتقده أنه صلى الله عليه وسلم أحرم أولاً بالحج مفرداً، ثم أدخل عليه العمرة، فصار قارناً، وإدخال العمرة على الحج جائز على أحد القولين عندنا، وعلى الأصح لا يجوز لنا وجاز للنبي صلى الله عليه وسلم تلك السنة للحاجة.

وعلى هذا سهل الجمع بين الأحاديث، فمن روى أنه صلى الله عليه وسلم كان مفرداً -وهم الأكثرون- أراد أول الإحرام ومن روى أنه كان قارناً أراد آخر الإحرام ومن روى أنه كان متمتعاً أراد التمتع اللغوي، ويؤيد هذا الذي ذكرته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر تلك السنة عمرة منفردة، لا قبل الحج ولا بعده، وقد قدمنا أن القران أفضل من إفراد الحج من غير عمرة بلا خلاف، ولو جعلت حجته صلى الله عليه وسلم مفردة لزم منه أن لا يكون اعتمر تلك السنة، ولم يقل أحد: إن الحج وحده أفضل من القران.

وعلى هذا الجمع تنتظم الأحاديث كلها في حجته صلى الله عليه وسلم في نفسه.

وتأول جماعة من أصحابنا الأحاديث التي جاءت أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعاً أو قارناً بأنه أمر بذلك، كما قالوا: رجم ماعزاً -أي أمر برجمه. وهذا ضعيف، يرده صريح الروايات الصحيحة السابقة، بل الصواب ما قدمته، والله أعلم. اهـ

وجوب الدم على المتمتع والقارن:

قال النووي في المجموع: يجب على المتمتع الدم، لقوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} قال أصحابنا: ولوجوب هذا الدم شروط: أحدها: ألا يكون من حاضري المسجد الحرام، وهم من مسكنه دون مسافة القصر من الحرم [وقيل غير ذلك] ثانيها: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، فلو أحرم بها، وفرغ منها قبل أشهر الحج، ثم حج في سنته لم يلزمه دم بلا خلاف عندنا، وبه قال جمهور العلماء، ثالثها: أن تقع العمرة والحج في سنة واحدة، فلو اعتمر في سنة، ثم حج في السنة القابلة فلا دم، سواء أقام بمكة إلى أن حج، أم رجع وعاد. رابعها: أن لا يعود إلى الميقات، فلو عاد إلى الميقات الذي أحرم بالعمرة منه، وأحرم بالحج فلا دم بالاتفاق. خامسها:

<<  <  ج: ص:  >  >>