(اعتمر أربع عمر) العمرة في اللغة الزيارة، وقيل: إنها مشتقة من عمارة المسجد الحرام، وفي الشرع زيارة البيت الحرام بشروط مخصوصة. واعتمر أدى العمرة، وجمعها عمر بفتح الميم وعمرات بسكون الميم وضمها إتباعاً للعين، كحجرة وحجرات.
(كلهن في ذي القعدة) بفتح القاف وكسرها، وهو الشهر الحادي عشر من الشهور القمرية، قيل: سمي بذلك لأنهم كانوا يقعدون فيه عن الأسفار والغزو، وجمعه ذوات القعدة.
(إلا التي مع حجته) استثناء من "كلهن في ذي القعدة" فهي لم تكن في ذي القعدة، بل كان إدخالها على الحج بعد أربع من ذي الحجة، كما هو ظاهر مما سبق، وكان أداؤها مع حجته في ذي الحجة، وبعضهم لا يعدها أصلاً على أنه صلى الله عليه وسلم كان في حجة الوداع مفرداً، ويرى أنه اعتمر ثلاث عمر، أو يرى أن معنى اعتمر في حجة الوداع أي أمر بالعمرة.
(عمرة من الحديبية -أو زمن الحديبية في ذي القعدة)"الحديبية" بضم الحاء، وفتح الدال، بعدها ياء، فباء مكسورة، فياء مفتوحة مخففة، وبعض المحدثين يشددون هذه الياء، وهي قرية كبيرة مشهورة على بعد ستة عشر ميلاً من مكة من جهة المدينة، سميت ببئر هناك، وقيل بشجرة حدباء هناك.
والمراد بهذه العمرة قصدها والإحرام بها وأجرها، فقد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في الحديبية ومنعوا من دخول مكة، وتحللوا، ورجعوا، وكانت في ذي القعدة سنة ست من الهجرة بلا خلاف.
وبعضهم لا يعدها، باعتبار أنها لم تتم. فمن قال: اعتمر عمرتين أسقطها وأسقط التي مع حجته، ومن قال: ثلاث عمر أسقطها، أو أسقط التي مع حجته.
(وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة) وتسمى عمرة القضاء، وعمرة القضية، وعمرة القصاص، قيل: سميت عمرة القضاء لأنه صلى الله عليه وسلم قاضى وصالح أهل مكة عام الحديبية على أن يرجعوا من الحديبية ويعودوا للعمرة في العام المقبل وكانت هذه العمرة في ذي القعدة سنة سبع من الهجرة.
(وعمرة من جعرانة) فيها لغتان. إحداهما كسر الجيم وسكون العين وفتح الراء المخففة، والثانية كسر العين وتشديد الراء، وهي بين الطائف ومكة، وإلى مكة أقرب.
(حيث قسم غنائم حنين) كانت غزوة الفتح في رمضان سنة ثمان من الهجرة، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يقصد العمرة في توجهه إلى مكه، بل كان قاصداً الفتح، فدخلها غير محرم في رمضان، وأقام بها تسع عشرة ليلة، لم يعتمر فيها، لأنه كان يستعد لقتال هوازن وثقيف، حيث بلغه