المعرس بضم الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة، بلفظ اسم المفعول والتعريس النزول عند آخر الليل، وقيل: النزول مطلقاً، وسمي المكان المعرس أي الذي يقع عليه نزول المسافرين للراحة، وهو أسفل من مسجد ذي الحليفة، ويقال له بطحاء، وهو على ستة أميال من المدينة. وقال التيمي: يخرج من مكة من طريق الشجرة، ويدخل مكة من طريق المعرس، لكن على فرض وجود مكانين عند مكة بهذين الاسمين فإن بقية الحديث لا تساعده.
(وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا، ويخرج من الثنية السفلى) وفي ملحق الرواية "التي بالبطحاء" وفي الرواية الثانية "دخلها من أعلاها، وخرج من أسفلها" وفي الرواية الثالثة "دخل عام الفتح من كداء من أعلى مكة" و"التي بالبطحاء" وصف للثنية العليا، وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان ينزل في رجوعه إلى المدينة بالبطحاء بذي الحليفة ففي مكة بطحاء، ويقال لها الأبطح، وهي بجنب المحصب، وقد سبق توضيحه في لغويات الرواية السابعة والعشرين من باب وجوه الإحرام، وفي المدينة بطحاء بذي الحليفة وبذي قار أيضاً بطحاء، وبطحاء أزهر، نزل به صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، والثنية العليا ويقال لها كداء بفتح الكاف والمد هي التي ينزل منها إلى المعلى، مقبرة أهل مكة، وهي التي يقال لها الحجون، وكانت صعبة المرتقى، فسهلها معاوية ثم عبد الملك ثم المهدي والثنية بفتح الثاء وكسر النون وتشديد الياء في الأصل كل عقبة في جبل، أو في طريق عال، والثنية السفلى هي التي أسفل مكة، عند باب شبيكة، ويقال لها "كدى" بضم الكاف والقصر، بقرب شعب الشاميين وشعب ابن الزبير. قال القرطبي: اختلف في ضبط هاتين الكلمتين "كداء وكدى" والأكثر منهم على أن العليا بالفتح والمد، والسفلى بالضم والقصر، وقيل: بالعكس. اهـ
قال النووي: وأما "كدى" بضم الكاف وتشديد الياء فهو في طريق الخارج إلى اليمن، وليس من هذين الطريقين في شيء.
(فكان أبي يدخل منهما كليهما، وكان أبي أكثر ما يدخل من كداء) زاد البخاري "وكانت أقربهما إلى منزله".
وكأن هذه الزيادة اعتذار لأبيه عروة، لأنه روى الحديث وخالفه، ولعله رأى أن ذلك ليس بلازم حتم وكان ربما فعله وكثيراً ما يفعل غيره، لقصد التيسير.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: قيل: إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه المخالفة في طريقه داخلاً وخارجاً تفاؤلاً بتغير الحال إلى أكمل منه، كما فعل في العيد، وليشهد له الطريقان، وليتبرك به أهلها.
قال: ومذهبنا أنه يستحب دخول مكة من الثنية العليا، والخروج منها من السفلى لهذا الحديث، ولا فرق بين أن تكون هذه الثنية على طريقه كالمدني والشامي، أو لا تكون كاليمنى، فيستحب لليمنى وغيره أن يستدير ويدخل مكة من الثنية العليا، وقال بعض أصحابنا: إنما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت