للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المخلوقات، فهم حين يعظمونها إنما يعظمونها لأن الله أمرهم بتعظيمها، فالتعظيم إذن لله وأمره، وصدق الله العظيم إذ يقول {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج: ٣٢]. لا يعظمونها لتقربهم إلى الله زلفى كما كان المشركون يعبدون الأصنام، فالأحجار لا تقرب إلى الله زلفى في عقيدة المسلمين، وإنما اتباع الأوامر أيا كانت هي التي تقرب إلى الله زلفى، وقد ضرب لنا المثل في ذلك أبونا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وابنه إسماعيل عليه السلام حيث قال {يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} [الصافات: ١٠٢]. فأسلما لله، وربط ابنه للسكين.

-[المباحث العربية]-

(لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين) وفي الرواية الثانية "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود والذي يليه من نحو دار الجمحيين" وفي الرواية الثالثة "كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني" وفي الرواية السادسة "لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنين اليمانيين" قال النووي: اعلم أن للبيت أربعة أركان، الركن الأسود، والركن اليماني، ويقال لهما اليمانيان، على سبيل التغليب، كما قيل في الأب والأم الأبوان، وفي الشمس والقمر القمران، و"اليمانيان" بتخفيف الياء، هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة، وحكي فيها لغة أخرى بالتشديد، فمن خفف قال: هذه نسبة إلى اليمن [لأن هذا الركن يتجه ناحية اليمن] فالألف عوض من إحدى ياءي النسب، فتبقى الياء الأخرى مخففة، ولو شددناها [مع الألف] لكان جمعاً بين العوض والمعوض، وذلك ممتنع، ومن شدد قال: الألف في "اليماني" زائدة، وأصله اليمني فتبقى الياء مشددة، وتكون الألف زائدة، كما زيدت النون في صنعاني.

وأما الركنان الآخران فيقال لهما: الشاميان.

والاستلام هو المسح باليد، يقال: استلمت الحجر إذا لمسته، والركن الأسود أي الزاوية التي وضع فيها الحجر الأسود، وهي الزاوية القريبة من باب الكعبة، والحجر ليس أسود اللون، بل أحمر إلى السواد، لكنه بالنسبة لبقية حجارة الكعبة يعتبر أسود، وعرف بهذا الاسم من بناء الكعبة، وهو موضوع على ارتفاع ذراعين وثلثي ذراع من الأرض.

والركن الذي يليه المراد به من جهة الشرق، ولذلك فسره بقوله "من نحو دار الجمحيين" ومن المعلوم أن الطائف يجعل الحجر على يساره ويطوف، فالركن الذي يلي ركن الحجر بالنسبة للطائف هو في الحجر، وليس مراداً، بل المراد الركن الذي يليه الحجر أي الذي يقع الحجر بعده بالنسبة للطائف.

(في شدة ولا رخاء) أي في زحام أو فسحة.

(منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله) أي يفعل الاستلام، وليس تقبيل اليد.

<<  <  ج: ص:  >  >>