للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلا يقبلان ولا يستلمان. قال: وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين اليمانيين، واتفق الجماهير على أنه لا يسمح الركنين الآخرين، واستحبه بعض السلف، وممن كان يقول باستلامهما الحسن والحسين ابنا علي وابن الزبير، وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك. قال القاضي أبو الطيب: أجمعت أئمة الأمصار والفقهاء على أنهما لا يستلمان.

ثم قال: ويستحب تقبيل الحجر الأسود في الطواف بعد استلامه، وكذا يستحب السجود على الحجر أيضاً، بأن يضع جبهته عليه، فيستحب أن يستلمه، ثم يقبله، ثم يضع جبهته عليه. قال: هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وانفرد مالك عن العلماء، فقال: السجود عليه بدعة، واعترف القاضي عياض المالكي بشذوذ مالك في هذه المسألة عن العلماء.

ثم قال: وأما الركن اليماني فيستلمه ولا يقبله، بل يقبل اليد بعد استلامه، هذا مذهبنا، وقال أبو حنيفة لا يستلمه. وقال مالك وأحمد: يستلمه ولا يقبل اليد بعده، وعن مالك رواية أنه يقبله، وعن أحمد رواية أنه يقبله. اهـ

-[ويؤخذ من الأحاديث: ]-

١ - يؤخذ من الرواية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والسادسة أنه لا يمسح ولا يستلم من أركان البيت إلا الركنين اليمانيين، وقد روى البخاري عن أبي الشعثاء أنه قال: "ومن يتقي شيئاً من البيت؟ وكان معاوية يستلم الأركان، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما إنه لا يستلم هذان الركنان، فقال: ليس شيء من البيت مهجوراً".

قال التيمي: الركنان اللذان يليان الحجر ليسا بركنين أصليين، لأن وراء ذلك حجر إسماعيل، وهو من البيت، فلو رفع جدار الحجر، وضم إلى الكعبة في البناء، كما كان على بناء إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكونا ركنين.

٢ - ومن الرواية الخامسة من تقبيله يده بعد الاستلام أنه يستحب تقبيل اليد بعد استلام الحجر الأسود إذا عجز عن تقبيل الحجر. قال النووي: وهذا الحديث محمول على من عجز عن تقبيل الحجر، وإلا فالقادر يقبل الحجر، ولا يقتصر على اليد والاستلام بها وهذا الذي ذكرناه من استحباب تقبيل اليد بعد الاستلام للعاجز عن تقبيل الحجر هو مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال القاسم بن محمد التابعي المشهور: لا يستحب التقبيل، وبه قال مالك في أحد قوليه.

٣ - ومن أحاديث عمر رضي الله عنه وتقبيله الحجر وقوله ما قال: التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيه، قال الخطابي: فيه تسليم الحكمة، وترك طلب العلل وحسن الاتباع فيما لم يكشف لنا عنه من المعنى، وأمور الشريعة على ضربين: ما كشف عن علته، وما لم يكشف، وهذا ليس فيه إلا التسليم.

٤ - وفيه قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله، ولو لم تعلم الحكمة فيه.

٥ - وفيه دفع ما وقع لبعض الجهال من أن في الحجر الأسود خاصية ترجع إلى ذاته وأما ما رواه

<<  <  ج: ص:  >  >>