مذهبنا، وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف، وقال أبو حنيفة ومحمد وداود وبعض أصحاب مالك: لا يجوز أن يصليها قبل المزدلفة، ولا قبل وقت العشاء.
قال: والخلاف مبني على أن هذا الجمع بالنسك؟ أم بالسفر؟ فعندنا بالسفر، وعند أبي حنيفة بالنسك، وقال في شرح مسلم: وقد يحتج أصحاب أبي حنيفة بحديث ابن مسعود [روايتنا الثانية والعشرين] على منع الجمع بين الصلاتين في السفر، لأن ابن مسعود من ملازمي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخبر أنه ما رآه يجمع إلا في هذه المسألة قال: ومذهبنا ومذهب الجمهور جواز الجمع في جميع الأسفار المباحة، التي يجوز فيها القصر والجواب عن هذا الحديث أنه قول بالمفهوم، وهم لا يقولون به، ونحن نقول بالمفهوم، ولكن إذا عارضه منطوق قدمناه على المفهوم، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بجواز الجمع، ثم هو متروك الظاهر بالإجماع في صلاتي الظهر والعصر بعرفات. اهـ
وقال البدر العيني: لا خلاف في الجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة، ولكن الخلاف في هل هو للنسك؟ أو لمطلق السفر؟ أو للسفر الطويل؟ فمن قال للنسك قال: يجمع أهل مكة وأهل منى وعرفة والمزدلفة، ومن قال: لمطلق السفر قال: يجمعون سوى أهل المزدلفة، ومن قال: للسفر الطويل قال: لا يجمع أهل مكة ومنى والمزدلفة وجميع من كان بينه وبينها دون مسافة القصر، ويجمع من طال سفره.
وفي هذا الجمع يقول سفيان الثوري: لا يصليهما حتى يأتي المزدلفة، وله السعة في ذلك إلى نصف الليل، فإن صلاهما دون المزدلفة أعاد، وكذا قال أبو حنيفة: إن صلاهما قبل أن يأتي المزدلفة فعليه الإعادة، وسواء صلاهما قبل مغيب الشفق أو بعده فعليه أن يعيدهما إذا أتى المزدلفة، وقال مالك: لا يصليهما أحد قبل المزدلفة إلا من عذر، فإن صلاهما من عذر لم يجمع بينهما حتى يغيب الشفق، وذهب الشافعية إلى أن هذا هو الأفضل لكنه إن جمع بينهما في وقت المغرب أو في وقت العشاء، بأرض عرفات أو غيرها، أو صلى كل صلاة في وقتها جاز ذلك.
٣ - المسألة الثالثة المبيت بالمزدلفة والتغليس بصلاة الصبح: وفي ذلك تقول الرواية الثانية عشرة "حتى أقام العشاء الآخرة فصلى، ثم حلوا. قلت: فكيف فعلتم حين أصبحتم؟ قال ... إلخ" وتقول الرواية الثانية والعشرون "صلاة المغرب والعشاء يجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها" وفي رواية "قبل وقتها بغلس" وتقول الرواية الثالثة والعشرون "وحبسنا حتى أصبحنا، فدفعنا بدفعه" وحديث جابر رضي الله عنه [روايتنا الخامسة والثلاثون من باب وجوه الإحرام] فهذه الروايات تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم بات هو وأصحابه في حجة الوداع بالمزدلفة فيما عدا الضعفة الذين رخص لهم في الدفع من المزدلفة بليل، وفي هذا المبيت يقول النووي: واختلف العلماء في مبيت الحاج بالمزدلفة، ليلة النحر، والصحيح من مذهب الشافعي أنه واجب من تركه لزمه دم، وصح حجه، وبه قال فقهاء الكوفة وأصحاب الحديث وقالت طائفة: هو سنة، إن تركه فاتته الفضيلة، ولا إثم عليه، ولا دم، ولا غيره وهو قول الشافعي، وبه قال جماعة، وقالت طائفة: لا يصح حجه، وهو محكى عن النخعي وغيره، وحكي