للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن عطاء والأوزاعي أن المبيت بالمزدلفة في هذه الليلة ليس بركن ولا واجب ولا سنة، ولا فضيلة فيه، بل هو منزل كسائر المنازل، إن شاء تركه، وإن شاء لم يتركه. وهذا قول باطل.

قال: واختلفوا في قدر المبيت الواجب، فالصحيح عند الشافعي أنه ساعة في النصف الثاني من الليل، وفي قول له: ساعة من النصف الثاني أو ما بعده إلى طلوع الشمس، وفي قول ثالث له أنه معظم الليل، وعن مالك ثلاث روايات، إحداها كل الليل والثاني معظمه، والثالث أقل زمان. اهـ قال الحافظ ابن حجر: قال مالك: إن مر بها فلم ينزل فعليه دم، وإن نزل فلا دم عليه متى دفع.

كما تفيد الرواية الثانية والعشرون أن النبي صلى الله عليه وسلم غلس بصلاة الصبح، أي صلاها والظلمة في الأفق، وقد وضحنا في المباحث العربية المراد من صلاة الصبح قبل ميقاتها والمهم أن استحباب الصلاة في أول الوقت في هذا اليوم أشد وآكد، لكثرة المناسك فيه فيحتاج إلى المبالغة في التبكير في أول طلوع الفجر، ليتسع الوقت لفعل المناسك.

٤ - المسألة الرابعة الترخيص للضعفة بالدفع ليلاً من المزدلفة إلى منى، وتتحدث عنها الروايات الثالثة والعشرون وما بعدها. ولم تبين رواياتنا متى أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة إلى منى، لكن في البخاري عن عمرو بن ميمون قال: "شهدت عمر رضي الله عنه صلى بجمع الصبح، ثم وقف فقال: إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، وإن النبي صلى الله عليه وسلم خالفهم، ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس" وتوضح لنا رواية جابر رضي الله عنه روايتنا الخامسة والثلاثون من باب وجوه الإحرام، توضح لنا كيف ومتى أفاض صلى الله عليه وسلم، فتقول "ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره، وهلله ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس".

قال النووي: السنة عندنا أن يبقى بمزدلفة حتى يطلع الفجر، إلا الضعفة، فيستحب لهم الدفع قبل الفجر، فإن دفع غير الضعفة قبل الفجر بعد نصف الليل جاز، ولا دم. هذا مذهبنا، وبه قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا يجوز الدفع قبل طلوع الفجر، فإن دفع قبل الفجر لزمه دم. ثم قال: ومذهبنا أنه يستحب أن يقف بعد صلاة الصبح على قزح "المشعر الحرام" ولا يزال واقفاً به، يدعو ويذكر حتى يسفر الصبح جداً، وهو قول عامة العلماء غير مالك، فإنه كان يرى أن يدفع منه قبل الإسفار، دليلنا حديث جابر السابق وهو صحيح. اهـ

ثم قال: قال الشافعي والأصحاب: السنة تقديم الضعفاء من النساء وغيرهن من المزدلفة قبل طلوع الفجر، بعد نصف الليل إلى منى، ليرموا جمرة العقبة قبل زحمة الناس لحديث عائشة وحديث ابن عباس وابن عمر وأسماء وأم حبيبة [رواياتنا الثالثة والعشرين وما بعدها].

٥ - المسألة الخامسة التلبية والتكبير من منى إلى عرفات، ومن عرفات إلى منى أما من منى إلى عرفات فتتحدث عنه روايتنا الخامسة والسادسة عن عبد الله بن عمر والسابعة والثامنة عن أنس بن مالك، وفيها "منا الملبي، ومنا المكبر" "فمنا المكبر، ومنا

<<  <  ج: ص:  >  >>