ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا} [الفرقان: ٦٨ - ٦٩].
-[المباحث العربية]-
(أي الذنب أعظم؟ ) أي أشد عقوبة، وكذا "أي الذنب أكبر"؟ أي عقوبة. والسؤال عن أعظم الذنوب ليقع التحرز منه أكثر من غيره.
(أن تجعل) المخاطب عبد الله بن مسعود، وهو غير مقصود والمعنى أن يجعل الإنسان لله ندا، والمصدر المنسبك من أن والفعل خبر مبتدأ محذوف، تقديره أعظم الذنب جعلك.
(لله ندا) الند بكسر النون وتشديد الدال، ويقال له: النديد أيضا هو نظير الشيء الذي يعارضه في أموره، فهو أخص من المثل، لأنه المثل المناوئ من ند إذا نفر وخالف، فإن قيل: يلزم أن يكون غير المناوئ غير منهي عنه لأنه لا يلزم من النهي عن الأخص النهي عن الأعم مع أن المثل منهي عن اتخاذه خالف أو لم يخالف؟ أجيب، بأن التعبير بالند من قبيل قوله تعالى:{وما ربك بظلام للعبيد}[فصلت: ٤٦] اهـ قاله الأبي، وقال الجوهري: ند الشيء من يشاركه في جوهره، أما المثل فيقال في أي مشاركة سواء كانت في الجوهر أو في غيره، فكل ند مثل وليس كل مثل ندا.
أما الضد فهو أحد المتقابلين، والمتقابلان هما الشيئان المختلفان اللذان لا يجتمعان في شيء واحد، فالضد والند يتوافقان في المعارضة، فالند معارض والضد معارض، ويختلفان في المشاركة، فالند مشارك في الجوهر والضد غير مشارك. اهـ بتصرف.
(ثم أي؟ ) يعني أي شيء أعظم؟ فالتنوين للعوض، و"ثم" ليست للترتيب في الزمان، إذ لا يتصور فيه، ولا في الرتبة لأن شرطه كون المعطوف أعظم، بل هي للترتيب في الإخبار. قاله الأبي، وفيه: لأن الترتيب كما يكون تصاعديا يكون تنازليا، لكن يبدو أنه لما فسر (ثم أي؟ ) بقوله: ثم أي شيء أعظم؟ ، قال ما قال. والتحقيق أن معناه: ثم أي شيء أقل عظما؟ فثم للترتيب الرتبي.
(أن يطعم معك) بفتح الياء: أي يأكل، وهو معنى قوله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق}[الإسراء: ٣١] أي فقر. وذكر الإطعام لأنه كان الأغلب في حال العرب، ومعنى "مخافة أن يطعم معك" أي من جهة إيثار نفسه عليه عند عدم ما يكفي، أو من جهة البخل مع سعة الرزق، والأول هو الموافق للآية.
(أن تزاني) أي أن تزني برضاها، فالمفاعلة من الجانبين، ولعله أشد قبحا من اغتصابها لما فيه من إفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزاني.
(حليلة جارك) بالحاء المهملة أي زوجته، سميت بذلك لكونها تحل له، وقيل: لكونها تحل معه.