للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما شعر الشق الأيسر فتفيد الرواية الثامنة عشرة أنه صلى الله عليه وسلم أعطاه لأم سليم، ويفيد ملحقها أنه أعطاه أبا طلحة، وتفيد الرواية المتممة للعشرين أنه أعطاه أبا طلحة ليوزعه على الناس.

وللجمع بين هذه الروايات يقول صاحب المفهم: إن قوله "لما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم شق رأسه الأيمن أعطاه أبا طلحة" ليس مناقضاً لما في الرواية الأخرى أنه قسم شعر الجانب الأيمن بين الناس، وشعر الجانب الأيسر أعطاه أم سليم، وهي امرأة أبي طلحة، وأم أنس رضي الله عنها. قال: وحصل من مجموع الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حلق الشق الأيمن ناوله أبا طلحة، ليقسمه بين الناس، ففعل أبو طلحة [فقوله: فقسمه -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يليه أي أمر بقسمته فيمن يليه] وناول شعر الشق الأيسر لأبي طلحة ليكون عند أبي طلحة، فصحت نسبة كل ذلك إلى من نسب إليه.

وقد جمع المحب الطبري، فقال: والصحيح أن الذي وزعه على الناس الشق الأيمن وأعطى الأيسر أبا طلحة وأم سليم، ولا تضاد بين الروايتين، لأن أم سليم امرأة أبي طلحة فأعطاه صلى الله عليه وسلم لهما، فنسبت العطية تارة إليه، وتارة إليها. اهـ

النقطة الرابعة طواف الإفاضة: وقد سبق الكثير من أحكامه في باب وجوه الإحرام وحجة النبي صلى الله عليه وسلم في المأخذ التاسع عشر بعد المائة. قال النووي: ويستحب طواف الإفاضة يوم النحر، وأول النهار، وقد أجمع العلماء على أن هذا الطواف ركن من أركان الحج، لا يصح الحج إلا به، واتفقوا على أنه يستحب فعله يوم النحر، بعد الرمي والنحر والحلق فإن أخره عن يوم النحر وفعله في أيام التشريق أجزأه، ولا دم عليه بالإجماع، فإن أخره إلى ما بعد أيام التشريق، وأتى به بعدها أجزأه، ولا شيء عليه عندنا، وبه قال جمهور العلماء، وقال مالك وأبو حنيفة: إذا تطاول لزمه معه دم. والله أعلم.

النقطة الخامسة التقديم والتأخير بين هذه الأفعال الأربعة: قال النووي في المجموع: مذهبنا أنه لو قدم الحلق على الذبح جاز، ولا دم عليه، ولو قدم الحلق على الرمي فالأصح أيضاً أنه يجوز ولا دم عليه، وقال أبو حنيفة: إذا قدم الحلق على الذبح لزمه دم إن كان قارناً أو متمتعاً، ولا شيء عليه إذا كان مفرداً، وقال مالك: إذا قدم الحلق على الذبح فلا دم عليه، وإن قدمه على الرمي لزمه الدم، وقال أحمد: إن قدم الحلق على الذبح أو الرمي جاهلاً أو ناسياً فلا دم، [فمعنى نفي الحرج عنهم وسببه أنهم فعلوه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم جهلاً بالحكم، فعذرهم لجهلهم، لكنه أمرهم أن يتعلموا مناسكهم وأن يأخذوها عنه صلى الله عليه وسلم] وإن تعمد ففي وجوب الدم روايتان عنه، وعن مالك روايتان فيمن قدم طواف الإفاضة على الرمي، إحداهما يجزئ الطواف وعليه دم، والثانية لا يجزئه، وعن سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي وقتادة: عليه الدم متى قدم شيئاً على شيء من هذه. قال النووي: دليلنا الأحاديث الصحيحة السابقة، وفيها "لا حرج" ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين عالم وجاهل، فإن قالوا: المراد لا إثم لكونه ناسياً؟ [أي معنى "لا حرج" لا إثم، ولا يستلزم ذلك نفي الفدية] قلنا: ظاهره لا شيء عليه مطلقاً. قال: وأجمعوا على أنه لو نحر قبل الرمي لا شيء عليه. والله أعلم.

وقال في شرح مسلم: أفعال الحج يوم النحر أربعة: رمي جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>