(ما أراك إلا قد صدقت) وفي بعض الروايات "إني وجدت الذي قلت مثل ما قلت" و"أراك" بمعنى أعتقدك، قال ذلك بعد أن سأل أم سليم.
(فلتنفر) بكسر الفاء وضمها، والكسر أفصح، أي فلتدفع ولتخرج من مكة إلى وطنها المدينة دون طواف الوداع.
(قالوا: بلى) كان الظاهر (قلن: بلى) فالخطاب للنساء "ألم تكن قد طافت معكن"؟ لكن يحتمل أنه كان معهن أتباع من الرجال فغلبوا. ففي الرواية السابعة "فقالوا: إنها حائض .... فقالوا: إنها قد زارت -أي طافت طواف الزيارة، وهو طواف الركن والإفاضة- قال: فلتنفر معكم".
(كئيبة حزينة) يقال: كئب بكسر الهمزة يكأب بفتح الهمزة كآبة تغيرت نفسه وانكسرت من شدة الهم والحزن.
(عقرى حلقى) سبق شرحها بالتفصيل في لغويات الرواية السابعة والعشرين من باب وجوه الإحرام وحجة النبي صلى الله عليه وسلم.
-[فقه الحديث]-
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: من فرغ من مناسكه، وأراد المقام بمكة ليس عليه طواف الوداع، وهذا لا خلاف فيه، سواء كان من أهلها أو غريباً، وإن أراد الخروج من مكة إلى وطنه أو غير وطنه طاف طواف الوداع وفي حكمه قولان مشهوران: أصحهما أنه واجب، لحديث "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت" والثاني لا يجب، بل هو سنة، لأنه لو وجب لم يجز للحائض تركه، ولأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبره بدم. اهـ
وقال البدر العيني: قال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في تركه، وقال الحنفية: هو واجب على الآفاقي، دون المكي والميقاتي ومن دونهم، وقال أبو يوسف: أحب إلي أن يطوف المكي، لأنه يختم المناسك ولا يجب على الحائض والنفساء، ولا على المعتمر لأن وجوبه عرف نصاً في الحج، فيقتصر عليه.
واختلفوا فيمن ودع ثم بدا له شراء حوائجه، فقال عطاء: يعيد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت، وبنحوه قال الثوري والشافعي وأحمد. وقال مالك: لا بأس أن يشتري بعض حوائجه وطعامه من السوق، ولا شيء عليه، وإن أقام يوماً أو نحوه أعاد، وقال أبو حنيفة: لو ودع وأقام شهراً أو أكثر أجزأه، ولا إعادة عليه. اهـ
أما الحائض والنفساء فطواف الوداع ساقط عنها عند عامة أهل العلم، وخالف في ذلك