(ألا أنبئكم) بالتشديد والتخفيف، أي ألا أخبركم و"ألا" - بفتح الهمزة وتخفيف اللام- للتنبيه والإشارة إلى أهمية ما بعدها، وهو في الأصل مركب من همزة الاستفهام و"لا" النافية، وهل فهمه الصحابة على الاستفهام فأجابوا؟ أو حمله الرسول على التنبيه فأخبر دون أن يجيبوا؟ الظاهر الأول، لرواية البخاري في كتاب الأدب "قلنا: بلى يا رسول الله" ويكون حذفه من رواياتنا اختصارا من الرواة.
(بأكبر الكبائر) جمع كبيرة، وهي الفعلة القبيحة، فهي في الأصل صفة لموصوف محذوف، وفي المراد منها شرعا خلاف يأتي في فقه الحديث.
(ثلاثا) مفعول لقال. أي قال لهم صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات وكرره على عادته في تكرير الشيء ثلاث مرات تأكيدا وتنبيها للسامع على إحضار قلبه وفهمه للخبر الذي يذكره.
(الإشراك بالله) قال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يراد به مطلق الكفر [فيشمل منكر الألوهية، ومثبتها مع إنكار الرسالة واليوم الآخر] ويكون تخصيصه بالذكر لغلبته في الوجود لا سيما في جزيرة العرب، فذكر تنبيها على غيره من أصناف الكفر، ويحتمل أن يراد به خصوصه، إلا أنه يرد على هذا الاحتمال أنه قد يظهر أن بعض الكفر أعظم من الشرك، وهو التعطيل فيترجح الاحتمال الأول. اهـ.
(وعقوق الوالدين) -بضم العين المهملة- مشتق من العق: وهو القطع، يقال: عق والده يعقه- بضم العين- فهو عاق: وهو الذي شق عصا الطاعة لوالديه، هذا قول أهل اللغة، وأما حقيقة العقوق المحرم شرعا، ففيه خلاف طويل يأتي في فقه الحديث.
(وشهادة الزور، أو قول الزور) أصل "الزور" تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل إلى من سمعه أو رآه بخلاف ما هو به، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق، وقد يضاف إلى القول، فيشمل الكذب والباطل، وقد يضاف إلى الشهادة فيخص بها، وقد يضاف إلى الفعل، ومنه: لابس ثوبي زور، ومنه تسمية الشعر الموصول زورا، وجاء في رواية "قول الزور أو شهادة الزور" بتقديم القول على الشهادة، وفي رواية بالواو بدل "أو" وفي رواية "شهادة الزور" وفي رواية "ألا قول الزور" دون عطف إحداهما على الأخرى، وسيأتي طريق الجمع بين هذه الروايات.
(وكان متكئا فجلس) وفي رواية "وجلس وكان متكئا" الاتكاء: الاضطجاع على الجنب، أو هو الاعتماد على الشيء بالجنب واليد، كوضع اليد على وسادة مع تجافي الجنب عن الأرض، فالاضطجاع اتكاء وزيادة.
وجلوسه صلى الله عليه وسلم من اتكائه يشعر بأنه اهتم بذلك حتى جلس بعد أن كان متكئا، وذلك يفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه وسيأتي سبب الاهتمام به.