رواية عن مالك، وإن أوصى به، وقال الشافعي والجمهور يجوز الحج عن الميت عن فرضه ونذره، سواء أوصى به أم لا، ويجزئ عنه، ومذهب الشافعي وغيره أن ذلك واجب في تركته، وعندنا يجوز للعاجز الاستنابة في حج التطوع على أصح القولين، واتفق العلماء على جواز حج المرأة عن الرجل، إلا الحسن بن صالح فمنعه، وكذا يمنعه من منع أصل الاستنابة مطلقاً. اهـ
والحاصل أن الحج عن ميت لم يحج حجة الإسلام واجب في تركته، فإن كان قد أوصى به خرج من الثلث عند مالك وأبي حنيفة، فإن كان الثلث يكفي للحج وجب، وإن لم يكن يكفي لم يجب وبطلت الوصية، كالحي غير المستطيع، ولا يلزم الورثة أن يحجوا عنه حينئذ، وإن لم يوص قال مالك، يتطوع عنه بغير الحج، ويهدى عنه، أو يتصدق أو يعتق عنه. وقال أبو حنيفة: إن لم يوص وله مال وجب الحج عنه من الثلث، كما إذا أوصى وفي قول له كمالك. وعند الشافعي يجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من رأس ماله، لا من الثلث فحسب، لأن عليه قضاء ديونه، والرسول صلى الله عليه وسلم شبه الحج بالدين في حديث البخاري "ودين الله أحق بالقضاء"، ولم يشترط في ذلك أن يوصي أو لا يوصي، ولا أن تجيزه الورثة، أو لا تجيزه، وحكي عن النخعي وبعض السلف أنه لا يصح الحج عنه أوصى أو لم يوص والحديث مع الشافعية.
أما الميت الذي حج حجة الإسلام وعليه حج واجب بنذر مثلاً فهو كحجة الإسلام عند الشافعي، وأما الميت الذي حج حجة الإسلام، وليس عليه حج واجب بنذر مثلاً وأوصى بأن يحج عنه تطوعاً وله مال ففي جواز الحج عنه خلاف بين الشافعية، فإذا لم يوص فلا خلاف عندهم في عدم جواز الحج عنه.
وأحاديث الباب في المعضوب والعجز عن الحج، ولا نص فيها على الميت، لكنهم قالوا إذا ثبت جوازه عن الحي المعضوب بهذه الأحاديث كان جوازه عن الميت أولى، فيكون الاستدلال بها للميت من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى.
والمقصود بالمعضوب هنا من كان عاجزاً عن الحج بنفسه عجزاً لا يرجى زواله لكبر أو زمانة أو مرض لا يرجى زواله أو كان كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة إلا بمشقة شديدة، وحديث الباب في الحج عنه قال النووي في المجموع المعضوب إن لم يكن له مال، ولا من يطيعه لم يجب عليه الحج. وإن كان له مال فاضل عن حاجاته المشترطة فيمن يحج بنفسه ووجد من يستأجره بأجرة المثل لزمه الحج. فإن لم يجد المال ووجد واحداً من بنيه أو بناته أو أولادهم وإن سفلوا يبذل له الحج بنفسه لزمه الحج بذلك، وعليه الإذن لهذا الباذل، بشرط أن يكون الباذل ممن يصح منه فرض حجة الإسلام وأن يكون قد حج عن نفسه، فإن وجد أخاً أو جداً أو أباً أو غيرهم فهم كالأجنبي، لم يلزمه القبول، لما في هؤلاء من المنة ولأن في استخدامهم استثقالاً على الإنسان، فإن بذل الولد المال، ولم يبذل الحج بنفسه ففي وجوب قبوله وجهان. وإن طلب الوالد المعضوب العاجز عن الاستئجار من الولد أن يحج عنه استحب للولد إجابته، ولا تلزمه الإجابة.
ولا يجزئ الحج عن المعضوب بغير إذنه، بخلاف قضاء الدين عن غيره، لأن الحج يفتقر إلى