٢٩٠٠ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، أنا وأبو طلحة، وصفية رديفته على ناقته. حتى إذا كنا بظهر المدينة قال "آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون" فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة.
-[المعنى العام]-
السفر قطعة من العذاب، كثير الأخطار، وسائله غير آمنة، فيه بعد عن الأهل ورعايتهم، فكان أحوج أوقات المؤمن إلى الاستعانة بالله ودعائه، لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو عند السفر بدعاء يناسبه، يعلمه لأمته لتدعوا به، فكان إذا ركب وسيلة السفر يكبر الله تعالى ثلاثاً، ثم يقول سبحان الذي سخر لنا هذا [الذي نركبه] وما كنا له مقرنين [أي وما كنا نستطيع تذليله وترويضه والانتفاع به لولا تدبير الله وتسخيره لنا] وإنا إلى ربنا لمنقلبون [أي وإن رجوعنا من سفرنا هذا وانقلابنا إلى أهلينا بعد غربتنا إنما هو بأمر الله وعونه، لأننا سنرجع إليه في نهاية حياتنا] ثم يسأل الله الخير، ويستعيذ به من الشر، فيقول اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر [وعمل الخير] والتقوى [أي وطاعتك] ومن العمل ما ترضى اللهم هون [ويسر] علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده [وقرب إلينا مسافته] ثم يطلب من الله السلامة في السفر، ورعاية الأهل من بعده، فيقول:"اللهم أنت الصاحب في السفر [فكن معي برحمتك ورضاك] والخليفة للأهل [فكن لهم من بعدي راعياً] ثم يستعيذ ويطلب العوذ والوقاية من الشر، فيقول: "اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر [ومشقته] وكآبة المنظر [وقبح المنظر من الحزن] وسوء المنقلب [والرجوع السيئ] في المال والأهل".
وكان في رجوعه صلى الله عليه وسلم يكثر من التكبير والتهليل والذكر والدعاء، ويقول "آيبون. تائبون. عابدون. لربنا حامدون". فاللهم استجب. وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. آمين.
-[المباحث العربية]-
(كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً) الاستواء العلو والركوب وفي مناسبة التكبير للعلو سواء هنا بالركوب، أو الصعود على مرتفع كما سيأتي في الرواية الثالثة قال المهلب تكبيره صلى الله عليه وسلم عند الارتفاع استشعار لكبرياء الله عز وجل، وأنه أكبر من كل شيء، وكذا عندما تقع العين على عظيم من خلقه. وقال الحافظ ابن حجر ومناسبة التكبير عند الصعود إلى المكان المرتفع أن الاستعلاء والارتفاع محبوب للنفوس، لما فيه من استشعار الكبرياء، فشرع لمن تلبس به أن يذكر كبرياء الله تعالى، وأنه أكبر من كل شيء فيكبره ليشكر له ذلك، فيزيده من فضله.