بعد استقامتها على الرأس، وعلى رواية النون نعوذ بك من أن نكون في حالة سيئة بعد أن كنا في حالة جميلة.
(ودعوة المظلوم) ليس المقصود الاستعاذة من دعوة المظلوم، بل المراد الاستعاذة من سببها وهو الظلم، الذي يترتب عليه دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب.
(قفل من الجيوش أو السرايا) أي رجع من الغزو، والمراد به قصد النبي صلى الله عليه وسلم الكفار بنفسه أو بجيش من قبله و"السرايا". جمع سرية، بفتح السين وكسر الراء وتشديد الياء، وهي قطعة من الجيش تخرج بالليل لمهمة ثم تعود، وتقدر عدداً من مائة إلى خمسمائة.
(إذا أوفى على ثنية أو فدفد) معنى "أوفى" ارتفع وعلا. والثنية في الجبل كالعقبة فيه، وقيل هو الطريق العالي فيه، وقيل أعلى المسيل في رأسه. و"الفدفد" بفاءين مفتوحتين بينهما دال ساكنة هو الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع، وقيل هو الفلاة التي لا شيء فيها وقيل غليظ الأرض ذات الحصى، وقيل الجلد من الأرض في ارتفاع، أي المكان المرتفع الصلب، وجمعه فدافد.
(صدق الله وعده) أي صدق وعده في إظهار الدين، وكون العاقبة للمتقين، وغير ذلك من وعد الله سبحانه وتعالى، وهو لا يخلف الميعاد، فالوعد على عمومه، ويحتمل أن المراد بالوعد هنا وعد الله تعالى للمؤمنين بالنصر في غزوة الأحزاب، ويكون في ذلك تكذيب لقول المنافقين والذين في قلوبهم مرض {ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً}[الأحزاب: ١٢].
(ونصر عبده) محمداً صلى الله عليه وسلم على الكفار مطلقاً، بإظهار دينه، أو نصره على الأحزاب يوم الخندق.
(وهزم الأحزاب وحده) أي من غير قتال من الآدميين، والحزب القطعة المجتمعة من الناس، والمراد الأحزاب الذين اجتمعوا يوم الخندق، وتحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل الله عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها، ويحتمل أن المراد أحزاب الكفر في جميع الأيام والمواطن، فاللام إما عهدية، وإما جنسية.
(وصفية رديفته على ناقته) كان ذلك في طريق العودة من خيبر.
(كنا بظهر المدينة) أي أعلاها ومشارفها.
-[فقه الحديث]-
قال الحافظ ابن حجر: ظاهر قوله [في الرواية الثالثة]"من غزو أو حج أو عمرة" اختصاص ذلك بهذه الأمور الثلاثة، وليس الحكم كذلك عند الجمهور، بل يشرع قول ذلك في كل سفر طاعة، كصلة الرحم، وطلب العلم، لما يشمل الجميع من اسم الطاعة وقيل يتعدى أيضاً إلى المباح، لأن المسافر فيه لا ثواب له، فلا يمتنع عليه فعل ما يحصل له الثواب، وقيل يشرع في سفر المعصية أيضاً، لأن