للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المباحث العربية]-

(العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) العمرة في اللغة الزيارة يقال اعتمر فهو معتمر، أي زار وقصد، وقيل إنها مشتقة من عمارة المسجد الحرام، وفي الشرع زيارة البيت الحرام بشروط مخصوصة. وفي معنى "إلى العمرة" قال ابن التين يحتمل أن تكون "إلى" بمعنى مع كما في قوله تعالى {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} [النساء: ٢]. اهـ ومعنى كفارة لما بينهما ليس على إطلاقه، بل المراد كفارة لما بينهما من الذنوب الصغائر، دون الكبائر. وسيأتي توضيحه في فقه الحديث.

وهنا بحث جيد. هل العمرة الأولى هي المكفرة؟ أو الثانية؟ قال العيني كما هو الحديث أن العمرة الأولى هي المكفرة، لأنها هي التي وقع الخبر عنها أنها تكفر، ولكن الظاهر من حيث المعنى أن العمرة الثانية هي التي تكفر ما قبلها إلى العمرة التي قبلها، فإن التكفير قبل وقوع الذنب خلاف الظاهر. اهـ قلت: العمرة الأولى تكفر ما قبلها بالتوضيح الذي سنذكره في فقه الحديث، والعمرة الثانية تكفر ما قبلها، أي ما بينها وبين العمرة الأولى وهكذا. فكل عمرة تكفر ما قبلها. والله أعلم.

(والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) أي لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه، بل لا بد أن يدخل الجنة.

وفي المراد من "المبرور" قال النووي الأصح الأشهر أن المبرور هو الذي لا يخالطه إثم، مأخوذ من البر، وهو الطاعة، وقيل: هو المقبول، ومن علامات القبول أن يرجع خيراً مما كان، ولا يعاود المعاصي، وقيل: هو الذي لا رياء فيه، وقيل: الذي لا يعقبه معصية.

قال القرطبي: الأقوال التي ذكرت في تفسير المبرور كلها متقاربة المعنى، وهي أنه الحج الذي وفيت أحكامه، ووقع الموقع الذي طلب من المكلف على الوجه الأكمل.

(من أتى هذا البيت) يشمل الحج والعمرة، والمراد من أتاه زائراً قاصداً النسك وفي ملحق الرواية "من حج" وفي رواية البخاري "من حج لله" وفي بعض الروايات "من حج هذا البيت" وعند الدارقطني "من حج أو اعتمر".

(فلم يرفث) يقال رفث بفتح الفاء ورفث بكسر الفاء يرفث بكسرها وفتحها وضمها وقال الحافظ فاء الرفث مثلثة في الماضي والمضارع والأفصح الفتح في الماضي، والضم في المستقبل.

ويقال أرفث بالألف، والرفث يطلق على الجماع، وعلى التعريض به، وعلى الفحش في القول، وقال الأزهري الرفث اسم جامع لكل ما يريده الرجل من المرأة، وكان ابن عمر يخصه بما خوطب به النساء، وقال عياض هذا من قول الله تعالى {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: ١٩٧]. والجمهور على أن المراد به في الآية الجماع.

قال الحافظ ابن حجر والذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعلم من ذلك، وهو المراد بقوله في الصيام "فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث".

<<  <  ج: ص:  >  >>