للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ولم يفسق) أي لم يأت بسيئة ولا معصية، والفسق العصيان، وترك أمر الله والخروج عن الطاعة. وأغرب ابن الأعرابي فقال إن لفظ الفسق لم يسمع في الجاهلية ولا في أشعارهم، وإنما هو إسلامي، وتعقب بأنه كثر استعماله في القرآن الكريم، وحكايته عمن قبل الإسلام، وقال القزاز أصله من انفسقت الرطبة إذا أخرجت من قشرها، فسمي بذلك الفاسق لخروجه من الخير وانسلاخه منه.

(رجع كما ولدته أمه) أي بغير ذنب، ورجع بمعنى صار، والجار والمجرور "كما ولدته أمه" حال، أي صار مشبهاً لنفسه يوم ولدته أمه في البراءة من الذنوب.

-[فقه الحديث]-

روى مسلم "من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه" وروى "لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء، فيصلي صلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها" وروى "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله".

وروى "من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة". وروى "الصلوات الخمس كفارة لما بينهن".

وروى "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".

وروى حديث الباب "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما".

قال النووي: إذا كفر الوضوء فماذا تكفر الصلاة؟ وإذا كفرت الصلاة فماذا تكفر الجمعات؟ ورمضان؟ وكذلك صوم يوم عرفة كفارة سنتين؟ ويوم عاشوراء كفارة سنة؟ و"إذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه؟ .

والجواب ما أجابه العلماء أن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات، ورفعت به درجات، وإن صادف كبيرة أو كبائر، ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف من الكبائر.

وقال الحافظ ابن حجر واستشكل بعضهم كون العمرة كفارة مع أن اجتناب الكبائر يكفر، بقوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} [النساء: ٣١]. فماذا تكفر العمرة؟ والجواب أن تكفير العمرة مقيد بزمنها، وتكفير الاجتناب عام لجميع عمر العبد فتغايرا من هذه الحيثية. اهـ

هذا عن فضل العمرة، أما عن حكمها فقد قال النووي اختلف العلماء في وجوب العمرة، فمذهب الشافعي والجمهور أنها واجبة، وممن قال به عمر وابن عباس وطاووس وعطاء وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>