للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المباحث العربية]-

(أتنزل في دارك بمكة)؟ في الرواية الثانية "أين تنزل غداً"؟ وفي الثالثة "أين تنزل غداً إن شاء الله"؟ فكأنه استفهم أولاً عن مكان نزوله، ثم ظن أنه ينزل في داره، فاستفهم عن ذلك. وإضافة الدار إلى ضميره صلى الله عليه وسلم لسكناه إياها قديماً، وأصلها وملكها كان لعمه أبي طالب، لأنه الذي كفله، وكانت أصلاً لعبد المطلب فلما مات استولى أبو طالب على أملاك عبد المطلب، وحازها وحده، لسنه ولعادة الجاهلية.

(وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور) وفي الرواية الثانية "وهل ترك لنا عقيل منزلاً؟ " وفي الثالثة "وهل ترك لنا عقيل من منزل" والرباع بكسر الراء جمع ربع بفتحها وسكون الباء، وهو المنزل المشتمل على أبيات، وقيل هو الدار، وعلى هذا فقوله "أو دور" إما للتأكيد، أو شك من الراوي. والاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي لم يترك لنا عقيل [بفتح العين وكسر القاف] دوراً.

(وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا علي شيئاً) ترك أبو طالب أربعة أولاد، في داره هذه ومعهم محمد صلى الله عليه وسلم وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم بعد موت أبي طالب بثلاث سنين، وهاجر علي بعده، ومات طالب في بدر، فاستولى عقيل على الدار وحده، ويقال إنه باعها قبل الفتح وقبل أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول، وسياق الحديث يقتضيه، ومفهومه أنه لو تركها لنزلها صلى الله عليه وسلم. قال الداودي وغيره كان من هاجر من المؤمنين باع قريبه الكافر داره وأمضى النبي صلى الله عليه وسلم تصرفات الجاهلية تأليفاً لقلوب من أسلم منهم. وحكى الفاكهي أن الدار لم تزل بأولاد عقيل إلى أن باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار. قال الخطابي وعندي أن تلك الدار إن كانت قائمة على ملك عقيل فإنما لم ينزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها دور هجروها في الله تعالى، فلم يرجعوا فيما تركوه.

(وذلك في حجته) أي حجة الوداع سنة عشر من الهجرة حين أراد أن ينفر من منى، وفي الرواية الثالثة وذلك زمن الفتح أي فتح مكة سنة ثمان من الهجرة. قال الحافظ ابن حجر ويحمل على تعدد القصة.

-[فقه الحديث]-

وضع البخاري هذا الحديث تحت عنوان باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها، وقدم له بقوله تعالى: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد} [الحج: ٢٥]. قال النووي في الحديث دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أن مكة فتحت صلحاً، وأن دورها مملوكة لأهلها، لها حكم سائر البلدان في ذلك، فتورث عنهم، ويجوز لهم بيعها ورهنها وإجارتها وهبتها والوصية بها، وسائر التصرفات، وقال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وآخرون

<<  <  ج: ص:  >  >>