للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ستجدون رخاء في مدن كثيرة غيرها، فلا يغرنكم هذا الرخاء لتهاجروا إليه منها، فالمدينة خير لكم إن كنتم تعلمون.

-[المباحث العربية]-

(إن إبراهيم حرم مكة) سبق أن تحريم مكة كان من الله تعالى يوم خلق السموات والأرض، فالمراد من تحريم إبراهيم عليه السلام لها تجديد التحريم بعد اندراسه من الخلق بسبب طول العهد، وحتى تجديد التحريم هو من الله، فإبراهيم رسول لا يحلل ولا يحرم، وإنما يبلغ تحريم الله، ولهذا يقول النووي: إنه حرمها بأمر الله تعالى له بذلك، لا باجتهاده [أي بلغ تحريمها للناس] فلهذا أضاف التحريم إليه تارة، وإلى الله تعالى تارة أخرى، وقيل: إنه عليه السلام دعا لها، فحرمها الله تعالى بدعوته [أي فهو سبب تجديد التحريم] فنسب التحريم إليه.

(وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة) تحريم المدينة مبتدأ، ليس كتحريم مكة على لسان إبراهيم، والمحرم أيضاً للمدينة الله تعالى، كما سبق، وإضافته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إما لأنه مبلغ، ويؤيده ما جاء عند أحمد عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله عز وجل حرم على لساني ما بين لابتي المدينة" وإما لأنه السبب، دعا ربه فأجابه، وهذا هو وجه الشبه، والمحرم في المدينة قطع الشجر، وتنفير الصيد، واللقطة، وتغليظ عقوبة المسيء فيها. كما سيأتي.

وفي الرواية الثانية "وإني أحرم ما بين لابتيها" تثنية "لابة" بتخفيف الباء وهي الأرض الملبسة حجارة سوداء، يقال: لابة، ولوبة، ونوبة بالنون، ثلاث لغات مشهورات، وجمع اللابة في القلة لابات، وفي الكثرة لاب ولوبة. وللمدينة لابتان لابة في الجنوب. ولابة في الشمال، وهي بينهما وقيل: لابة في المشرق، ولابة في المغرب. قال النووي: معناه تحريم اللابتين وما بينهما. اهـ فاللابتان داخلتان في التحريم.

وفي الرواية الثالثة عشرة "ما بين عير إلى ثور" قال النووي: أما "عير" بفتح العين وإسكان الياء، وهو جبل معروف، قال الزبير "عير جبل بناحية المدينة، وقال القاضي: أكثر الرواة في كتاب البخاري ذكروا "عيراً" وأما "ثور" فمنهم من كنى عنه بـ"كذا" ومنهم من ترك مكانه بياضاً، لأنهم اعتقدوا ذكر "ثور" هنا خطأ. قال المازري: قال بعض العلماء: ذكر "ثور" هنا وهم من الراوي، وإنما "ثور" جبل بمكة، قال: والصحيح "إلى أحد" قال القاضي: وكذا قال أبو عبيد أصل الحديث "من عير إلى أحد" قال النووي: هذا ما حكاه القاضي، وكذا قال أبو بكر الحازمي الحافظ وغيره من الأئمة، أن أصله "من عير إلى أحد" قال النووي: قلت: ويحتمل أن ثوراً كان اسماً لجبل هناك، إما أحد، وإما غيره، فخفي اسمه. اهـ وقد أطال الحافظ ابن حجر في تتبع هذا الخلاف، ومال في النهاية إلى ما مال إليه النووي.

وفي الرواية التاسعة عشرة "ما بين مأزميها" تثنية "مأزم" بكسر الزاي، وهو الجبل، وقيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>