قال النووي: قال العلماء: وهذا التضعيف إنما هو فيما يرجع إلى الثواب، فثواب صلاة فيه يزيد على ثواب ألف فيما سواه، ولا يتعدى ذلك إلى الإجزاء عن الفوائت، حتى لو كان عليه صلاتان، فصلى في مسجد المدينة صلاة لم تجزئه عنهما، وهذا لا خلاف فيه. اهـ ووافقه الحافظ ابن حجر، ونقل اتفاق العلماء عليه، لكنه قال: وقد أوهم كلام المقري أبي بكر النقاش في تفسيره خلاف ذلك، فإنه قال فيه: حسبت الصلاة بالمسجد الحرام، فبلغت صلاة واحدة بالمسجد الحرام عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة. اهـ
ثم قال الحافظ: وهذا التضعيف مع قطع النظر عن التضعيف بالجماعة، فإنها تزيد سبعاً وعشرين درجة، لكن يجتمع التضعيفان؟ أو لا؟ محل بحث.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
١ - من قوله "في مسجدي هذا" أخذ النووي أن هذه الفضيلة مختصة بنفس مسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمنه، دون ما زيد فيه بعده، قال: فينبغي أن يحرص المصلي على ذلك، ويتفطن لما ذكرته.
قال الحافظ: بخلاف مسجد مكة، فإنه يشمل جميع مكة، بل صحح النووي أنه يعم جميع الحرم.
٢ - ويؤخذ من الرواية الثالثة مدى حرص التابعين على التثبت من الأحاديث المرفوعة وغير المرفوعة.
٣ - ومن الرواية السادسة قال النووي: دلالة الحديث على ما استدلت به ميمونة -رضي الله عنها- ظاهرة، وهذا حجة لأصح الأقوال في مذهبنا في هذه المسألة، فإنه إذا نذر صلاة في مسجد المدينة أو الأقصى. هل تتعين؟ فيه قولان. الأصح تتعين، فلا تجزئه تلك الصلاة في غيره، والثاني لا تتعين، بل تجزئه تلك الصلاة حيث صلى، فإذا قلنا: تتعين، فنذرها في أحد هذين المسجدين، ثم أراد أن يصليها في الآخر ففيه ثلاثة أقوال أحدها يجوز، والثاني لا يجوز، والثالث وهو الأصح إن كان نذرها في الأقصى جاز العدول إلى مسجد المدينة، دون عكسه. والله أعلم.
٤ - ومن الروايتين السابعة والثامنة فضيلة هذه المساجد الثلاثة.
٥ - وفضيلة شد الرحال إليها، لأن معناه عند الجمهور لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها.
٦ - واستدل بالرواية التاسعة على أن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى في قوله تعالى {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}[التوبة: ١٠٨]. استدل بهذه الرواية على أن المراد بهذا المسجد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة. لكن الحافظ ابن حجر يقول: الجمهور على أن المراد به مسجد قباء، وهو ظاهر الآية. قال الحافظ: والحق أن كلاً منهما أسس على التقوى، وقوله تعالى في بقية الآية {فيه رجال يحبون أن يتطهروا} يؤيد كون المراد مسجد قباء، وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نزلت {فيه رجال يحبون أن يتطهروا} في أهل قباء. وعلى هذا فالسر