للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لفرط حياء، أو عدم شهوة، أو عنة مثلاً إلى ما يهيئ له استمرار تلك الحالة، فيكون قسم الشباب إلى قسمين، قسم يتوقون إليه، ولهم اقتدار عليه، فندبهم إلى التزويج، دفعاً للمحذور، خلاف الآخرين، فندبهم إلى أمر تستمر به حالتهم، لأن ذلك أرفق بهم للعلة التي ذكرت.

(فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج) أي أشد غضاً للبصر، أي يزيد في غض البصر إلى الأجنبية لما يحدثه إشباع الشهوة في الحلال من عدم الرغبة -كما سيأتي في باب من رأي امرأة فوقعت في نفسه- وأشد إحصاناً للفرج، ومنعاً من الوقوع في الفاحشة، وأفعل التفضيل "أغض، وأحصن" على بابها، فإن التقوى سبب لغض البصر، وتحصين الفرج، وحصول التزويج يزيد الغض والإحصان عما كان عليه بفعل التقوى، ويحتمل أن أفعل التفضيل ليس على بابه، وأن المراد به مجرد الوصف، ليس الزيادة فيه، أي فإنه يغض البصر، ويحصن الفرج.

(ومن لم يستطع فعليه بالصوم) قال المازري: فيه إغراء الغائب، وأصول النحويين أن لا يغرى الغائب، وقد تعقبه القاضي عياض بأنه ليس في الحديث إغراء الغائب، بل الخطاب للحاضرين الذين خاطبهم أولاً.

(فإنه له وجاء) بكسر الواو، والمد، وأصله الغمز، ومنه وجأه في عنقه إذا غمزه دافعا له، ووجأه بالسيف إذا طعنه به، والوجاء رض الأنثيين، بخلاف الإخصاء، فهو سلهما، وإطلاق الوجاء على الصيام من مجاز المشابهة، بمعنى أن الصوم يقطع الشهوة، ويقطع شر المني، كما يفعل الوجاء.

(عن عبد الرحمن بن يزيد قال: دخلت أنا وعمي علقمة والأسود على عبد الله بن مسعود) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ، وهو الصواب، قال القاضي: ووقع في بعض الروايات "أنا وعماي علقمة والأسود" وهو غلط ظاهر، لأن الأسود أخو عبد الرحمن بن يزيد، لا عمه، وعلقمة عمهما جميعاً.

(فذكر حديثاً رئيت أنه حدث به من أجلي) قال النووي: هكذا هو في كثير من النسخ، وفي بعضها "رأيت" وهما صحيحان، الأول من الظن، والثاني من العلم.

(أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) في رواية البخاري "جاء ثلاثة رهط" ولا منافاة بينهما، فالرهط من ثلاثة إلى عشرة، والنفر من ثلاثة إلى تسعة، وكل منهما اسم جمع، لا واحد له من لفظه.

قال الحافظ ابن حجر: ووقع في مرسل سعيد بن المسيب عند عبد الرزاق أن النفر، أو الثلاثة المذكورين هم علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعثمان بن مظعون، وقال: ووقع في "أسباب الواحدي" بغير إسناد "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الناس وخوفهم، فاجتمع عشرة من الصحابة -وهم أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وأبو ذر وسالم مولى أبي حذيفة والمقداد وسليمان وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومعقل بن مقرن- في بيت عثمان بن مظعون، فاتفقوا على أن يصوموا النهار، ويقوموا الليل، ولا يناموا على الفرش، ولا يأكلوا اللحم، ولا يقربوا النساء، ويجبوا مذاكيرهم". قال

<<  <  ج: ص:  >  >>