٦ - وعند ابن ماجه عن عائشة -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصوم، فإن الصوم له وجاء".
٧ - وفي مسلم عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة".
٨ - وعند النسائي والطبراني بإسناد حسن عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم "حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة".
٩ - وعند الترمذي والدارقطني والحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً "ثلاثة حق على الله إعانتهم، المجاهد في سبيل الله، والناكح يريد أن يستعف، والمكاتب يريد الأداء".
١٠ - وعند الحاكم عن أنس بلفظ "من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الثاني" قال النووي: في هذا الحديث الأمر بالنكاح لمن استطاع وتاقت إليه نفسه، وهذا مجمع عليه، لكنه عندنا وعند العلماء كافة أمر ندب، لا إيجاب، فلا يلزم التزوج ولا التسري، سواء خاف العنت أم لا. هذا مذهب العلماء كافة، ولا يعلم أحد أوجبه إلا داود ومن وافقه من أهل الظاهر، ورواية عن أحمد، فإنهم قالوا: يلزمه إذا خاف العنت أن يتزوج أو يتسرى. قالوا: وإنما يلزمه في العمر مرة واحدة، ولم يشترط بعضهم خوف العنت. قال أهل الظاهر: إنما يلزمه التزوج فقط، ولا يلزمه الوطء، وتعلقوا بظاهر الأمر في هذا الحديث "فليتزوج" مع غيره من الأحاديث -المشابهة- مع القرآن الكريم في قوله {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} [النساء: ٣]. وغيرها من الآيات. اهـ
وقد رد عليهم العلماء من وجوه:
الأول: أن الآية التي احتجوا بها خيرت بين النكاح والتسري {فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} قالوا: والتسري ليس واجباً اتفاقاً، فيكون التزويج غير واجب، إذ لا يقع التخيير بين واجب ومندوب، لأنه يؤدي إلى إبطال حقيقة الواجب، وأن تاركه لا يكون آثماً.
الثاني: أن الواجب عندهم العقد، لا الوطء، والعقد بمجرده لا يدفع مشقة التوقان، فما ذهبوا إليه لم يتناوله الحديث، وما تناوله الحديث لم يذهبوا إليه.
الثالث: في الحديث المستدل به "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" والصوم الذي هو البدل ليس بواجب فالمبدل عنه مثله، ليس بواجب.
وقد تخلص بعضهم من هذه الوجوه، فقيد وجوبه بما إذا لم يندفع التوقان بالتسري، فإذا لم يندفع تعين التزويج، صرح بذلك ابن حزم فقال: وفرض على كل قادر على الوطء إذا وجد ما يتزوج به أو يتسرى، أن يفعل أحدهما، فإذا عجز عن ذلك فليكثر من الصوم. وهو قول جماعة من السلف.
وتخلصوا من الإشكال الثاني بأن قالوا بوجوب الوطء.
وردوا الإشكال الثالث بأن بدل الواجب عند العجز لا يلزم أن يكون واجباً، فالأمر